كتاب المسبوك على منحة السلوك في شرح تحفة الملوك (اسم الجزء: 1)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
منحة السلوك

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
---------------
= الثوب، قال: "إنما هو بمنزلة المخاط، والبصاق، وقال: إنما يكفيك أن تمسحه بخرقة، أو بإذخرة" (أ).
٤ - قالوا: إن الله كرم بني آدم، ومن كرامته أن يكون طاهرًا من أصل طاهر، فجعله الله أصلًا لجميع أنبيائه، وعباده الصالحين. فكيف يكون أصلهم نجسًا؟ لذا كان المني مخالفًا لجميع ما يخرج من الذكر في خلقته، فإنه غليظ، وتلك رقيقة، وفي لونه أيضًا فإنه أبيض شديد البياض، وفي ريحه فإنه طيب كرائحة الطلع، وتلك خبيثة، ثم ليس شأنه شأن الفضول، بل شأن ما هو غذاء، ومادة في الأبدان إذ هو قوام النسل، فهو بالأصول أشبه منه بالفضل، وهو في بني آدم، كماء البيض في الطيور، واللبن (ب).
٥ - ولأن حرمة الرضاع شبهت بحرمة النسب كاللبن الذي يحصل به الرضاع طاهر، والمني الذي يحصل به النسب أولى؛ لأنه أصل، والرضاع محلوبه (جـ).
٦ - ولأن الأصل في الأعيان الطهارة، فيجب القضاء بطهارته، حتى يجيء النص بنجاسته. =
_________
(أ) رواه الدارقطني في سننه ١/ ١٢٤ ولم يصح رفعه إلى النبي -صلي الله عليه وسلم- وإنما ثبت وقفه على ابن عباس، فرواه موقوفًا عليه، والشافعي في الأم ١/ ٥٦، وابن أبي شيبة في المصنف ١/ ٨٣، والطحاوي في شرح معاني الآثار ١/ ٥٣، والبيهقي في السنن الكبرى ٢/ ٤١٨، قال -أي البيهقي-: هذا صحيح عن ابن عباس من قوله، وقد روي مرفوعًا، ولا يصح رفعه.
وقال ابن عبد الهادي في تنقيح التحقيق ١/ ٣١١: والصحيح أن هذا الحديث موقوف.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى ٢١/ ٥٩٠: وأنا أقول: أما هذه الفتيا، فهي ثابتة عن ابن عباس، وقبله سعد بن أبي وقاص، وأما رفعه إلى النبي -صلي الله عليه وسلم-، فمنكر باطل، لا أصل له؛ لأن الناس كلهم رووه عن شريك موقوفًا، ثم شريك، ومحمد بن عبد الرحمن وهو ابن أبي ليلى، ليسا في الحفظ بذاك، والذين هم أعلم منهم بعطاء، مثل ابن جريج الذي هو أثبت فيه من القطب، وغيره من المكيين، لم يروه أحد إلا موقوفًا، وهذا كله دليل على وهم تلك الرواية.
(ب) الشرح الكبير لابن قدامة ١/ ٣٤٢، المغني ١/ ٧٧٢، فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية ٢١/ ٦٠١، بداية المجتهد ١/ ٨٢.
(جـ) فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية ٢١/ ٥٩٤.

الصفحة 262