كتاب تفسير الماتريدي = تأويلات أهل السنة (اسم الجزء: 1)

وفي اليمن معمر بن راشد المتوفى سنة 153 هـ.
وفي خراسان عبد اللَّه بن المبارك المتوفى سنة 181 هـ.
وبمصر الليث بن سعد المتوفى سنة 175 هـ.
وكانت طريقتهم في التدوين تعتمد على وحدة الموضوع في أبواب منفصلة يحتوي كل باب على الأحاديث المتعلقة بالموضوع الواحد، فجمعت أحاديث الصلاة في باب، والزكاة في باب آخر، وهكذا.
ومن أشهر هذه المصنفات موطأ الإمام مالك.
ثم جاءت طبقة أخرى من علماء الحديث انتهجت نهجًا آخر، فكتبت السنة على طريقة المسانيد، وأساسها وحدة الراوي وإن اختلف الموضوع، ومن أشهر المسانيد مسند الإمام أحمد.
وفي القرن الثالث الهجري جاءت طبقة أخرى، وجدت أمامها ثروة عظيمة من الأحاديث، فاتبعت أسلوب الانتقاء والاختيار، فألفت ما عرف بالصحاح، وأفردت الحديث عن غيره من فتاوى الصحابة وأقوالهم، وفي طليعة كتب الصحاح: صحيح البخاري المتوفى سنة 256 هـ، وصحيح مسلم المتوفي سنة 261 هـ، وحذا حذو البخاري ومسلم الإمام أبو داود المتوفى سنة 275 هـ، وأبو عيسى الترمذي المتوفى سنة 279 هـ، وابن ماجه المتوفى سنة 303 هـ وغيرهم.
ووجد بجانب المحدثين فريق من العلماء توفروا على نقد رواة الحديث، وجرح بعضهم وتعديل البعض الآخر، وعرفوا بعلماء الجرح والتعديل.
قال الذهبي: أول من زكى وجرح من التابعين -وإن كان قد وقع ذلك قبلهم- الشعبي وابن سيرين؛ حفظ عنهما توثيق أناس وتضعيف آخرين.
وذلك لأن الصحابة كانوا عدولا، وكبار التابعين الآخذين عنهم كانوا ثقات، ولا يكاد يوجد في القرن الأول الذي انقرض فيه الصحابة وكبار التابعين ضعيف إلا الواحد بعد الواحد، كالحارث الأعور، والمختار الكذاب.
فلما مضى القرن الأول، وجاء القرن الثاني، كان من أوساط التابعين جماعة من الضعفاء الذين كان ضعفهم من قبل تحملهم وضبطهم، فتراهم يرفعون الموقوف، ويرسلون كثيرا، ولهم غلط كأبي هارون العبدي.

الصفحة 63