كتاب شرح كتاب سيبويه (اسم الجزء: 1)

الوجه الأول- وهو أقواهما- كان ذلك على أن حروف الإعراب ما كان فيه إعراب لفظا أو مقدرا، والمقدر ما كان مستحقا للإعراب ومنه من اللفظ به استثقال اللفظ به، أو تعذره، فالاستثقال نحو: القاضي، ومررت بالقاضي، والتعذر نحو: العصا، والرحى، لأنه يستثقل الضم والكسر في القاضي وتتعذر الحركة في ألف عصا ورحى.
وإن حمل كلامه على الوجه الثاني، احتمل ذلك معنيين:
أحدهما: أن يكون سيبويه أراد بقوله: " لحروف الإعراب ": لإعراب حروف الإعراب، فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه، وقوله: وحروف الإعراب للأسماء المتمكنة أراد: وإعراب حروف الإعراب للأسماء المتمكنة.
والوجه الثاني: أن يكون أراد بقوله: فالرفع والنصب والجر والجزم لحروف الإعراب أي لحروف الإعراب التي فيها الإعراب، ويكون اللفظ عاما والمراد به البعض، كما تقول الناس بنو تميم وأنت تريد بعضهم مجازا واتساعا.
وقوله: " وحروف الإعراب للأسماء المتمكنة ".
إن سأل سائل فقال: ما الأسماء المتمكنة؟ قيل له: كل اسم مستحق للإعراب فهو متمكن، ثم ينقسم قسمين: قسم مستوف للتمكن كله، وهو ما تعتقب عليه الحركات الثلاث: الضم، والفتح، والكسر، ويدخله التنوين، وقسم ناقص
عن هذا وهو ما منع التنوين والخفض فلم يعتقب عليه إلا الرفع والنصب.
وكان بعض أصحابنا يسمي الاسم المستوفي للحركات الثلاث، الاسم الأمكن، فيخصه بذلك، ويجعل كل ما استحق الإعراب متمكنا.
وقوله: " والأفعال المضارعة لأسماء الفاعلين التي في أوائلها الزوائد الأربع:
الهمزة والتاء والنون والياء: مثل أفعل، وتفعل، ونفعل، ويفعل ".
والألف التي في " أفعل " هي في الحقيقة همزة؛ لأن الألف لا تكون متحركة في حال، وإنما سمى النحويين الهمزة ألفا لأنها تصور صورة الألف في الخط إذا كانت أوله، والهمزة لا صورة لها، وإنما تصور بصورة غيرها.
فإن سأل سائل فقال: كيف صارت هذه الحروف أولى بالأفعال المضارعة من غيرها؟
قيل له: أولى الحروف بالزيادة في أوائل هذه الأفعال حروف المد واللين، وهي

الصفحة 24