كتاب شرح كتاب سيبويه (اسم الجزء: 1)

يعني: أن القياس إذا لم تجزم " بإذا " فتجعلها بمنزلة " إن "، فحكم الفعل أن يعمل فيما قبل " إذا "، إذا حسن تقديمه
نحو قولك: " زيدا إذا أتاك فاضرب "، و " زيدا إذا يأتيك فأكرم "، و " زيدا إذا يأتيك اضرب "؛ لأنه يحسن أن تقول: " زيدا فاضرب إذا يأتيك "، و " زيدا اضرب إذا يأتيك " ولا شيء يمنع هذا الفعل من التقديم ونصب الاسم به، فالقياس أن ينصب به في الكلام.
قال: (و " إذا "، و " حين " لا تكون واحدة منهما خبرا لزيد، ألا ترى أنك لا تقول:
" زيد حين يأتيني "؛ لأن " حين " لا تكون ظرفا " لزيد ").
يعني: أنك إذا قلت: " زيدا حين يأتيني أضرب "، أو " زيدا إذ يأتيني أضرب "، فكأنك قلت: " زيدا أضرب "، فالأجود أن تنصب " زيدا "؛ لأن " حين "، و " إذا " كاللغو، إذا كانا غير خبرين، ولا يستغنى بهما " زيد "، ولو جاز أن يكونا خبرين لحسن الرفع في " زيد "، كقولك: " زيد في الدار اضرب "، فرفع " زيد " في هذا الموضع أحسن؛ لأنه قد تم الكلام بالظرف وهو غير محتاج إلى الفعل، فيكون " أضرب " على كلام آخر، ولم تكن " بزيد " حاجة إليه.
قال: (وتقول: " الحرّ حين تأتيني "، فيكون ظرفا لما كان فيه من معنى الفعل).
ولا تقول: " زيد حين يأتيني " وذلك أن " الحر " مصدر، والمصادر كلها يجوز أن تكون ظروف الزمان أخبارا لها، كقولك: " القتال يوم الجمعة "، و " أكلنا عشيا " و " رحيلنا في غد ". ولا يجوز أن تكون ظروفا للجثث، لا تقول: " زيد يوم الجمعة " و " لا أنت غدا "، والفرق بينهما أن المصادر أشياء حادثة والأزمنة أيضا حوادث لا تبقى فإذا قلنا: " القتال يوم الجمعة " فإنما جعلنا " يوم الجمعة " وقتا لحدوثه، وإذا قلنا: " زيد يوم الجمعة "، فلسنا نعني أنه يحدث في " يوم الجمعة "، ولا أن " يوم الجمعة " وقت له دون سائر الموجودات، كما أن قولك: " زيد خلفك " اختصاص مكان " زيد " دون سائر من ليس خلفك.
قال: (فإن قلت: " زيدا يوم الجمعة أضرب " لم يكن فيه إلا النصب؛ لأنه ليس ها هنا معنى جزاء، ولا يجوز الرفع إلا على قوله:
... كله لم أصنع).

الصفحة 489