والأرموي عن جماعة ولم يسموهم (¬1)، ونقله ابن الصلاح عن أبي المظفر بن السمعاني أنه ذكر أن اسم الصحابي من حيث اللغة والظاهر إنما يقع على من طالت صحبته للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وكثرت مجالسته له على طريق التتبع له والأخذ عنه.
قال: وهذا طريق الأصوليين (¬2).
والقول الرابع: إن هذا الاسم إنما يسمى به من طالت صحبته للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وأخذ عنه العلم، حكاه الآمدي هكذا عن عمر بن يحيى (¬3).
وعبر غيره عن هذا القول بأن يجمع بين الصحبة الطويلة والرواية عنه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهذا أقرب لأنه من المعلوم أن من طالت صحبته للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فلابد وأن يتحمل عنه شيئًا ما ولو من أفعاله التي شاهدها، لكن يرد على هذا القائل (هذا القول) (¬4) أنه لا يعرف خلاف بين العلماء في أن من طالت صحبته ولم يحدث عنه -صلى اللَّه عليه وسلم- بشيء أنه معدود من الصحابة، لكن وقوع مثل ذلك نادر جدًّا؛ إذ لا يلزم من عدم وصول رواية عن ذلك الصاحب إلينا أن لا يكون روى شيئًا عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مما سمعه أو شاهده.
والقول الخامس- وهو أضيق المذاهب: ما حكاه ابن الصلاح وغيره عن سعيد ابن المسيب أنه قال: لا يعد الصحابي إلا من أقام مع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- سنة أو سنتين وغزا معه غزوة أو غزوتين.
قال الشيخ أبو عمرو ابن الصلاح: وكان المراد بهذا إن صح عنه راجع إلى المحكي عن الأصوليين، ولكن في عبارته ضيق يوجب أن لا يعد في الصحابة جرير ابن عبد اللَّه -رضي اللَّه عنه- ومن شاركه في فقد ظاهر ما اشترطه فيهم ممن لا نعرف خلافًا في عده من الصحابة (¬5).
¬__________
(¬1) "الإحكام" (2/ 104).
(¬2) "مقدمة ابن الصلاح" (ص 171).
(¬3) "الإحكام" (2/ 104).
(¬4) من "د".
(¬5) "مقدمة ابن الصلاح" (ص 171).