وثبت عن عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه- من وجوه عديدة أنه قام بالجابية خطيبًا فقال: إن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قام في مثل مقامي هذا فقال: "أَكْرِمُوا أَصْحَابِي؛ فَإِنَّهُمْ خِيَارُكُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ. . . " وذكر الحديث (¬1).
فهذا الحديث مستفيض عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وفي بعض ما تقدم من ألفاظه ما يقتضي دخول جميع من رآه -صلى اللَّه عليه وسلم- في أنه متصف بهذه الخيرية.
وقد روى الوليد بن مسلم، عن عبد اللَّه بن العلاء بن زبر، عن عبد اللَّه بن عامر اليحصبي، أنه سمع واثلة بن الأسقع -رضي اللَّه عنه- يقول: سمعت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "لَا تَزَالُونَ بِخَيْرٍ مَا دَامَ فِيكُمْ مَنْ رَآنِي وَصَاحَبَنِي" الحديث (¬2).
وإسناده صحيح.
وقال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا تَسُبُّوا أَصْحَابِي؛ فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنْفَقَ أَحَدُكُمْ مِثْلَ أُحُدٍ ذهبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِم وَلَا نَصِيْفَهُ".
متفق عليه (¬3).
وفي حديث عبد الرحمن بن سالم بن عويم بن ساعدة، (عن أبيه) (¬4)، عن جده -رضي اللَّه عنه- أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إِنَّ اللَّهَ اخْتَارَنِي وَاخْتَارَ لِي أَصْحَابًا وَجَعَلَ لِي مِنْهُمْ وُزَرَاءَ وَأَنْصَارًا وَأَصْهَارًا؛ فَمَنْ سَبَّهُمْ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ" (¬5).
وقال عبد اللَّه بن مسعود -رضي اللَّه عنه-: إن اللَّه نظر في قلوب العباد فوجد قلب محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- خير قلوب العباد فاصطفاه وبعثه برسالته، ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب
¬__________
(¬1) رواه النسائي في "السنن الكبرى" (5/ 387 - 388).
(¬2) رواه الطبراني "المعجم الكبير" (22/ 85 رقم 207) من طريق الوليد.
وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (9/ 745): رواه الطبراني من طرق ورجال أحدها رجال الصحيح.
(¬3) "صحيح البخاري" (3673)، "صحيح مسلم" (2540) من حديث أبي هريرة.
(¬4) سقط من س. والمثبت من "د"، والطبراني.
(¬5) رواه الطبراني في "المعجم الأوسط" (455).
وقال الهيثمي (9/ 738): وفيه من لم أعرفه.