كتاب مجموع رسائل الحافظ العلائي

وعن معروف الكرخي رحمه اللَّه قال: اجتمعت اليهود على قتل عيسى عليه السلام بزعمهم فأهبط اللَّه عَزَّ وَجَلَّ جبريل عليه السلام عليه وفي باطن جناحه مكتوب: اللهم إني أعوذ باسمك الأعز الأجل، وأدعوك باسمك اللهم الأحد الصمد، وأدعوك باسمك اللهم العظيم الوتر، وأدعوك اللهم باسمك الكبير المتعالي الذي ملأ الأركان كلها أن تكشف عني ضرَّ ما أمسيت وأصبحت فيه؛ فأوحى اللَّه تعالى إلى جبريل عليه السلام أن ارفع عبدي إليَّ (¬1).
وروى جعفر بن محمد الصادق رحمه اللَّه أن الحسن بن علي -رضي اللَّه عنهما- أراد أن يكتب إلى معاوية كتابًا يستمحنه فيه فغلبت عيناه فرأى في النوم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: أتكتب إلى مخلوقٍ تسأله حاجتك وتاع أن تسأل ربك، قل: اللهم إني أسألك في كل أمرٍ ضعفت عنه حيلتي ما لم تنته إليه رغبتي ولم يخطر على بالي ولم يجر على لساني، وأن تعطيني من اليقين ما يحجز في أن أسأل أحدًا من العالمين إنك على كل شيء قدير؛ فلما انتبه قال ذلك ودعا به فلم يلبث إلا قليلًا حتى بعث إليه معاوية بمائة وخمسين ألفًا (¬2).
وروى الإمام أبو بكر الطُّرطُوشي (¬3) رحمه اللَّه في كتابه "سراج الملوك" أن ملك صقلية أرق ذات ليلة ومنع النوم فأرسل إلى قائد البحر وقال له انفذ الآن مركبًا إلى أفريقية يأتون بأخبارها، فعمد القائد مركبًا وأرسله، فلما أصبحوا إذا بالمركب موضعه لم يبرح، فقال له الملك: أليس قد فعلت ما أمرتك به؟
قال: نعم، امتثلت أمرك وأنفذت المركب فرجع بعد ساعة وسيحدثك مقدم المركب فجاء ومعه رجل، فقال له الملك: ما منعك أن تذهب حيث أمرت؟
¬__________
(¬1) رواه ابن عساكر (47/ 473).
(¬2) رواه ابن عساكر (13/ 166) بنحوه.
(¬3) هو محمد بن الوليد بن محمد بن خلف بن سليمان بن أيوب الطرطوشي الفهري الإمام أبو بكر الأندلسي المالكي المتوفى بالإسكندرية سنة 520 عشرين وخمسمائة.
من تصانيفه: بدع الأمور ومحدثاتها، بر الوالدين، رسالة العدة عند الكروب والشدة، سراج الملوك.

الصفحة 362