كتاب مجموع رسائل الحافظ العلائي

فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (¬1).
وتوعد اللَّه أقومًا قالوا على اللَّه بغير علم، فقال تعالى: {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ} (¬2).
وقال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ (3) كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ} (¬3).
وأخبر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فيما صح عنه بطريق التواتر اللفظي: "مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعمَّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ" (¬4).
ثمّ أَمَّا بَعْد:
لقد بعث اللَّه سبحانه وتعالى نبينا -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى عباده رحمة لهم ونورًا يمشون على هداه، قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} (¬5)، وأمره اللَّه عز وجل أن يكون رحيمًا بنا وهكذا كان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مع أمته، قال تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} (¬6).
ودلت السنة الكريمة على حسن خلق النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مع المسلمين وغيرهم، وأنه لم يكن متعنتًا بل كان خلقه القرآن كما قالت أم المؤمنين -رضي اللَّه عنها-، وكان يعلم أصحابه ذلك ويحثهم على التمسك به وعلى التوسط في الأمور وعدم المغالاة في المعاملات كلها، قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ فِي الدِّينِ" (¬7).
وقد روى أحمد من حديث أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-:
¬__________
(¬1) النور: الآية 63.
(¬2) الأنعام: الآية 144.
(¬3) الحج 3، 4.
(¬4) رواه البخاري (1291)، ومسلم (3) من حديث أبي هريرة.
(¬5) الأنبياء: الآية 107.
(¬6) آل عمران: الآية 159.
(¬7) رواه النسائي (5/ 268)، وابن ماجه (3029)، وابن خزيمة (2867)، وابن حبان (3871)، وابن الجارود (473)، والحاكم (1/ 637).
قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين. وصححه الشيخ الألباني في الصحيحة (1283).

الصفحة 86