كتاب قلائد الجمان في فرائد شعراء هذا الزمان (اسم الجزء: 1)

[20]
إبراهيم بن أحمد بن صبح، أبو محمد البغداديُّ، المدعو بالمعين الصوفيُّ، ويعرف بابن غزالة.
استقر مقامه بمدينة حلب وتدبيرها، وأولد بها. وكان دلاّل الكتب، ومعيشته منها؛ وله شعر طيِّب يصدر عن طبع صحيح فيه سهولة.
وكان نازلاً بخانكاه القصر- وله فيها جراية ونصيب، تصل إليه في كل يوم كعادة الصوفية، فتولّى الخانكاه رجل يرف بالمخلص بن شمس الرؤساء فأظهر السياسة، وكلّف المتصوفة الذين هم مقيمون في الخانكاه الملازمة ومنعهم /32 ب/ من الخروج، وشرط عليهم أن لا يخرج أحد منهم. وإذا أردا أحدهم حاجة أنفذ الفراش فقضاها، ومن تعدّى هذا الشرط يهان ويؤدّب؛ فثقل ذلك على الصوفية وامتعضوا منه، وضاق عليهم هذا الأمر الذي سامهم إليه. وكان المعين له عيال لم يمكنه الملازمة والدخول تحت هذا الشرط لأجل عياله والتكسب لهم في تحصيل ما ينفقه عليهم؛ ورأى أنَّ الأمر قد اشتدّ وأن لا مخلص له منه. نهض وطوى سجادته، وحمل قماشه من الخانكاه، وخرج منها إلى منزله، فأنشأ قصيدة يذكر فيها شرح أحواله وأنفذها إلى السلطات غياث الدين غازي بن يوسف بن أيوب –رحمه الله- فأنشدت بين يديه فاستملحها، وأمر له بخمسمائة درهم، خلعة حسنة وجبة وبقيار ورسم أن يلبسه الخلعة بيده المخلص بن شمس الرؤساء، وأني جريه على ما كان عليه، ويبسط سجادته في الخانكاه.
وكانت وفاته في سنة اثنتين أو ثلاث وعشرين وستمائة بحلب، والقصيدة أنشدنيها /33 أ/ أبو عبد الله محمد بن عثمان بن أبي نصر البغدادي الصوفي بخانكاه القصر- تحت القلعة المحروسة- يوم الاثنين الثاني عشر من جمادى الآخرة سنة سبع وثلاثين وستمائة، قال: أنشدني أخي لأمي أبو محمد إبراهيم بن صبح البغدادي الصوفي لنفسه: [من المنسرح]
يا أهل بغداد عندكم خبري ... تبت عن الرُّبط وانقضى وطري
لا مللاً ملت عن جوانبها ... ولا تألَّمتها من الضَّجر

الصفحة 101