كتاب قلائد الجمان في فرائد شعراء هذا الزمان (اسم الجزء: 1)

مصرّاً على الفساد، يغنِّي ويشبِّب وينبسط. وكان إذا مشى في الأسواق لم يستعن بحمل عصًا معه، ويعرف أزقة المدينة معرفة لم يعرفها أحد من ذوي البصائر مثله، ويهتدي فيها إلى مسالك ومواضع كأنه قد ولد فيها، وتربى بها، وله في ذلك حكايات عجيبة، ونوادر طريفة لم يمكن شرحها.
أنشدني إبراهمي بن عمر الموصلي المعروف بالجنّي لنفسه.
أنشدني أبو سالم بن علي بن أبي سالم المقرئ الحلبي، قال: /36 أ/ أنشدني أبو إسحاق إبراهيم بن عمر بن عبد الله الموصلي الدنبليّ المعروف والده بالقاتل:
[من الكامل]
دع رسم سلع واللِّوى والأجرع ... وربى زرود والعقيق ولعلع
كان العقيق بهم أنيقًا مونقًا ... وهم بدور طلَّع بطويلع
خلت المغاني من مغانيهم فما ... يجدي غرامك بادَّكأر الأربعاء
مالي وللأطلال وهي عواطل ... يا صاحبي فذر الدِّيار ونج معي
واندب على فقد القرين تأسُذفًا ... واسفح على سفح اللِّوى بالأدمع
وأقر السَّلام على المقام وذب جوًى ... إن كان حقًّا في الهوى ما تدَّعي
أسروا الفؤاد مع الرُّقاد وأودعوا ... إذ ودَّعوا نار الأسى في أضلعي
قوم أقأموا بالفراق قيامتي ... فمتى لحشري معهم من مرجع
وأرفض معأتبتي وبثَّ صبابتي ... فلعلَّعن أن يرحموا لتوجُّعي
ناديت في آثارهم لمَّا سروا ... بحشاشتي: رفقًا بقلب الموجع
بانوا ذوى من بعدهم بان الحمى ... وذوت غصون شبيبتي وتشجُّعي
ونأى اصطباري والغرام أقام في ... قلبي وقلت لمقلتي: لا تهجعي
لله يوم النُّفر ما لاقيت من ... حرِّ الجوى ومن الغرام الموجع
/36 ب/ وأنشدني أيضًا، قال: أنشدني لنفسه: [من الكامل]
لولا تقلقل قلبي المتبول ... وتفكُّري وتذُّكري ونحولي
وبلابل هاجت بلابل خاطري ... مارقِّ لي الواشي وكف عذولي
إني لأهوى في الهوى تلفي وما ... أرضى الرِّضا في سلوتي يا سولي

الصفحة 105