كتاب قلائد الجمان في فرائد شعراء هذا الزمان (اسم الجزء: 1)

/43 أ/ وأ، شدني أيضًا لنفسه: [من الكامل]
تلفي بلين قوامك الفتَّان ... ودمي تقاد بثأره العينان
وشمائل حكت الشَّمول فهذه ... للروح حسب وتلك للآبدان
وهواي بالرَّشأ الَّذي وحَّدته ... عشقًا فليس لحسنه من ثاني
عيناه قد نطقت تقول عليكم ... سحري يقضُّ مضاجع الشُّجعان
ودم الشَّهيد قتيل معركة الهوى ... خدَّاي قد شرباه من أجفاني
يا أيُّها الرَّشأ الَّذي لجماله ... وعلى الغوير بوابل هتَّان
أنسيتني بلذيذ ذكرك كلَّما ... قد كان قبل هواك في إنسان
أنا ذلك الصبُّ الَّذي لو مرَّ بي ... صأحي الفؤاد لعاد كالسَّكران
عنِّي روت ورق الحمام بشدوها ... وتحدَّثت بهواي في الأغصان
ومررن صبح وصالنا بطويلع ... طربًا كشارب قهوة نشوان
فتمايلت أغصانه فكأنَّما ... قسَّمت فأضل نشوتي في البان
ومعربد الألحاظ أحيا صبوتي ... وأمات لين كلامه سلواني
موتًا يودُّ بنو الهوى لو أنَّهم ... ماتوا كذاك هوى من أحياني
/43 ب/ هل تذكرنَّ لنا بمنعرج اللِّوى ... وقتًا لعودته أعضُّ بناني
لمَّا التزمتك للوداع صبغت من ... خدَّيك درَّ الدَّمع أحمر قاني
وأنشدني أيضًا لنفسه: [من الطويل]
هو الصَّب لا يزداد إلاَّ تشوُّقا ... إلى جيرة بالجزع عن أيمن النَّقا
رأى السَّير لا يدنيه من فرط شوقه ... إلى الدَّار إلاَّ بعد حين فأعنقا
وجانب أرباب البطالة عفَّة ... وصاحب من ملًّ الحياة وطلَّقا
وكم زار حيّا ترعف السُّمر دونه ... نجيعًا وخاض الموت في طمع اللِّقا
وهان عليه كلُّ صعب تهابه ... نفوس بني الآمال لمَّا تعشَّقا
أخو حاجة إمَّا وإمَّا تلافه ... عسى يرتقي بالعزم ما ليس يرتقى

الصفحة 112