كتاب قلائد الجمان في فرائد شعراء هذا الزمان (اسم الجزء: 1)

وانتظمت بيني وبينه مودة مؤكَّدة، وصحبة محكمة الأسباب.
وأنشدني من شعره كثيراً في كل فنّ، وكتبه إلي بخط يده في جزء، ومما أنشدني لنفسه –رحمه الله تعالى- يمدح الأمير الكبير أمين الدين أبا المكارم لؤلؤ بن عبد الله البدري بالموصل: [من الخفيف]
أمطرت سحب جفني الفيَّاض ... حين أبدت محاسنًا كالرياض
أعرضت يوم أعرضت يالقلب ... ضاع بين الأعراض والإعراض
/45 ب/ وأرتني حمر المنايا ضحى افترت تمشي خلال ذاك البياض
علَّمتني طريقة المطل في الحبِّ وعلَّمتها طريق التَّقاضي
من مجبيري من ظبية عقد السِّحر بأجفانها الصِّحاح المراض
رضيت في الهوى بقتلي وإنِّي ... في الهوى بالسَّلام منها لراضي
حبًّذا حبًّذا الدُّهور الخوالي ... بلوى الرَّمل واللَّيالي المواضي
وعهود عهدتنا بالحمى لم ... يرمها الدَّهر ناكثًا بانتقاض
حين عيشي بقرب عائشة رغد شهي الإحلاء والإحماض
وعيون الرَّقيب مغضبة والدَّهر طوع في سائر الأغراض
زمن بعت حزنه بالمسرَّات وكانت تجارة عن تراضي
جاد أكنافه فروَّى رباه ... كلُّ جود من الحيأ فيَّاض
كندى الماجد الجوأد أمين الدِّين ربِّ الأيدي الطِّوال العراض
ملك يسند النَّوال إليه ... في حديث عن جوده مستفاض
يقصد الحمد ربعه من جميع الأرض قصد السِّهأم للأغراض
فتكت بالثَّناء أخلاقه ... الغرُّ ولا مثل فتكه البرَّاض
خائض غمرة الوغى والمنايا ... واقفات حيث المواضي مواضي
/46 أ/ وحماة الخميس كالأسد والمرَّان قد حفَّ جمعهم كالغياض
صان بالمال عرضه إذ غدا ... بالمال صون الأحساب والأعراض
يتلقَّى ذنب المسيء وإن أكبر عنه بالصَّفح والإغماض

الصفحة 115