كتاب قلائد الجمان في فرائد شعراء هذا الزمان (اسم الجزء: 1)

وثنى عطفه فعاينت غصنًا ... وجلا ثغره فخلت أقاحا
[31]
إبراهيم بن محاسن بن عبد الملك بن عليِّ بن نجا التنوخيُّ، أبو إسحق الدمشقيُّ.
من أهل دمشق. كانت ولادته غي إحدى الجماديين سنة ستمائة.
كان والده من العلماء المتفننين في وقته في علوم الشريعة؛ إمامًا زاهداً متعبداً في نفسه، ذا دين وتقوى.
وابنه هذا شاهدته بحلب وهو شاب فاضل حافظ للقرآن العزيز، عارف بالنحو واللغة والعربية، مستظهراً جملة وافرة من الأشعار، فهمًا للمعاني، متكلمًا مناظراً، يبحث بحثًا جيداً في كل فن من العلوم حتى تميّز على أبناء جنسه بذكائه، وقوة فطنته.
وكان يسكن بيتًا ببعض مدارسها، ولم يكن ....... ، وعاشر جماعة من أماثلها وصدورها؛ فأقبلوا عليه. وكان يغشى منازلهم في بعض الأوقات، ثم ينقبض عنهم ويتجنبهم؛ وفي جملة من كان يغشى عون الدين أبا المظفر سليمان بن عبد المجيد بن العجمي. وكان يرغب في معاشرته؛ وربما انبسط معه وداعبه في مجالس أنسه.
ثم إنه نبزه بالَّزلزول، فامتعض من أجل هذا اللقب، وأظهر غيظًا، فلما رآه أنه قد اغتاظ، دسّ غلمانه عليه، فكان إذا أقبل صاحوا عليه بهذا النبز. فتوغر صدره عليه حتى كاد يتلف غيظًا، فحمله الغيظ على أن صار يكتب رقاعًا يودعها هجواً شنيعًا مقذعًا في العون بن العجمي، ويلقيها في أبواب الدور التي ............ الكبار من أهل حلب وبني عمّه. ويمزقه فيها كلَّ ممزق، ويشتره أقبح التشتير حتى كتب ما يقارب خمسمائة رقعة، وشاعت في المدينة وتداولها الناس وحفظوها وتحدّثوا بها؛ فعظم ذلك على العون، ولجّ في طلبه وفحص عمن يفعل ذلك ولم يعلم من كان يكتبها ............. ، فقبض عليه العون أنهى أمره إلى حاكم البلد والمستولي عليه فحكَّمه فيه وأهدر دمه؛

الصفحة 127