كتاب قلائد الجمان في فرائد شعراء هذا الزمان (اسم الجزء: 1)

وكم لاح لاح في هواه أجبته ... وقد ظنَّ ما يبديه من غيِّه لاشدا
عدمتك إنَّ القلب أضحى زمامه ... بكفِّ مكاف ما أرى منه لي بدَّا
فمغسوله المسكيُّ أوردني الظَّمأ ... وعساله اللَّدنيُّ هدَّ القوى هدَّا
أرى حبَّه فرضًا وإن سنَّ قتلتي ... وإن هو أخفى من تعدِّيه أو أبدى
وإن هو أولى أو تولَّى وإن وفي ... بميعاده أفديه أو أخلف الوعدا
وها أنا تصبيني مذاكرة الحمى ... وأهوى الثَّنايا الغرَّ والفاحم الجعدا
ويطربني مرُّ النَّسيم إذا سرى ... سحيراً بريَّا جيرة سكنوا نجدا
وأنشدني لنفسه ما كتبه إلى بدر الدين لؤلؤ –صاحب الموصل-:
[من الكامل]
مولاي عبدك شاكر لم يثنه ... إبعاده عن شكره وثنائه
/69 ب/ ووحقِّ نعمتك الَّتي عمَّ الورى ... إنعامها فعجزن عن إحصائه
قسمًا وراحتك الَّتي ما جاوزت ... جود الحيا إلاَّ أحتبى بحبائه
والبحر باراها فبار وكاد من ... نبط الكابة أن يغيض بمائة
لمَّا رفعت محلَّه في مجلس ... النَّصر والإقبال من جلسائه
ووعدته نظراً بعين عناية ... فغدا به يسمو على نظرائه
لم يبق في الدُّنيا سواك له رجًا ... فمتى يراك محقِّقًا لرجائه
وأنشدني أيضًا قوله يتغزل: [من البسيط]
قل لي عداك غرامي أيُّها البان ... أبان أهل الغضا للعين أم بانوا
وجيرة بالنَّقا ما خنت عهدهم ... ولا هم لعهودي في الهوى خانوا
أضيعوا العهد أم حالت معاهدهم ... فحال عهدهم أم هم كما كانوا
إن أضمروا سلوةً حيث اللِّوى سلكوا ... فإنَّهم في ضمير القلب سكَّان
أو أنكر الطَّرف مغناهم فلا عجب ... فالعقل معتقل واللُّب حيران
ومدمعي ضلَّ حتَّى ما أهتدى بصري ... أهذه رامة أم تيك نعمان؟
عهدي بعم وشتيت الوصل مجتمع ... على الحمى وهم أهل وجيران
فالآن لا الأهل أهل بعد بعدهم ... عن الطُّول ولا الأوطان أوطان

الصفحة 149