كتاب قلائد الجمان في فرائد شعراء هذا الزمان (اسم الجزء: 1)

/94 أ/ يجور على ربِّ العلا متعمِّداً ... كأنَّ العلا للمرء أعزم ذنبه
لقد فرَّق الأيَّام شملي ولا أرى ... سوى الملك موسى من يرجَّى لشعبه
فتى سخطه إن يذك في البحر جذوةً ... مجاوره لم يلق ماءً لشربه
ولو هطلت يمناه في البرِّ بالنَّدى ... لأصبح مثوى الحوت مسكن ضبِّه
همام هو الحامي حمى الدِّين حيث لا ... مردَّ له عمَّن تصدَّى لنهبه
بأملد خطَّي يريد أعوجاجه ... لتنساب ريم الرِّمل من بين كثبه
كأنَّ ظلام اللّيل حذَّر خصمه ... فأخبر عن طغيانه لمع شهبه
وأبيض ماض للفرند بمتنه ... كمثل تسامي النَّمل فوق مدَّبه
كأنَّ أشتقاق الصُّبح ينذر قرنه ... فيبدي له في الشَّرق آثار غربه
وعوجاء مرنان إذا طاش سهمها ... يخاف السُّها من مكثه عند قطبه
كأنَّ لموع البرق منه أرتعاده ... يخاف فيخفى في ستائر سحبه
ينظِّم نظم الدُّرِّ بالرُّمح للعدا ... وينثرهم نثر الجمان بعضبه
فسبحان ربٍّ ليس يخلق ضدَّه ... كما خلقت طعناته ضدَّ ضربه
له الفخر فليسحب مدى الدَّهر ذيله ... فقد ظلَّ في الدُّنيا مليًا بسحبه
أبا الفتح حزم العزم في طلب العدا ... يرفع لوا .... عند نصبه
/94 ب/ فبادر إلى إسراعه تملك الدُّنى ... فأنت منى عجم الأنام وعربه
ملأت فضاء الأرض من فيض نائل ... به شرقه يثني عليك كغربه
حوت منه أرجاء الرَّجاء مناهلاً ... يفوز لديها كلُّ ظام بشربه
كما فازت الأيَّام منه بماجد ... حميد السُّجايا واسع الصَّدر رحبه
أتتك مليك العصر أفكار خاطري ... كأزهار روض في تنعُّم خصبه
فأقبل عليها بالقبول فإنَّها ... ثناء فتًى حر أخي الفضل تربه
وخذها عروسًا ما ترى ضرَّة لها ... خذا من صبا نجد أمانًا لقلبه
مديح بأنواع البيأن مدَّبج ... يدوم دوام العصر من غير مشبه
أراد أمتزاجًا بالهواء لطافة ... عن الذِّهن لو لم أدركته بكتبه
بقيت لعاف يرتجيك وآمل ... ودمت لإحصاء الثَّناء وكسبه
وعشت على مرِّ الزَّمان مخلَّداً ... لإطلاق عانيه وإسهال صعبه

الصفحة 178