كتاب قلائد الجمان في فرائد شعراء هذا الزمان (اسم الجزء: 1)

كأنَّها حين تجلى في زجاجتها ... ودٌّ صفا في فؤاد رقَّ من طرب
إنِّي عجبت لماء جامد أبداً ... عليه ذائب نار وهو لم يذب
وما رأيت سوى صفراء مذهبةً ... ناراً متى شبتهًا بالماء تلتهب
وقد سقاني وذيل اللَّيل منسدل ... جذلان يسحب ذيل اللَّهو واللَّعب
ذو غرَّة بسواد الصُّدغ قد سترت ... كالصُّبح من كلل الظَّلماء في حجب
ظبي من التُّرك أعيا خصره هيفًا ... حمل النِّطاق بردف ماج في كثب
حسبته إذ سعى نحوي وفي يده ... كأس مرصَّعة من جوهر الحبب
بدراً تمنطق بالجوزاء قاربه ... شمس عليها بواقي السَّبعة الشُّهب
رعى الإله زمانًا فيه واصلني ... من عن تمنِّيه قلبي غير منقلب
إذ كنت في دعة لو تذُّكرها ... رأسي علي عنفوان العمر لم يشب
ولم أكن شائقًا أصبو إلى وطن ... قد غيرته صروف الدَّهر والحقب
حيَّا خلاط حيًا يحيى الثَّرى فبهًا ... مثوى خليط ثوى في قلبي الوصب
لم يخل ذكراه عن فكري وأين خلا ... عن فكر ظمان ذكر السَّلسل الخصب
ولا عداها سحاب مرزم هطل ... لتجتلي الأرض في أبراده القشب
/99 ب/ والورد يبدو كخدٍّ حليه خجل ... والأقحوان كثغر زين بالشَّنب
وإنَّ قلبي لا تصفو مشاربه ... حتَّى لدى أرضها مملوءة القلب
وإن جفا جوده مغنًى بها فلها ... موسى الَّذي جوده مغن عن السُّحب
المالك الأشرف السَّمح الَّذي أبداً ... إن ضنَّ بالماء غيث جاد بالذَّهب
لله درُّ فتى نال العلا بيد ... منها ينال المنى ذو الفضل والأدب
فيها إذا ما شكا عاف بها ظميء ... ماءً متى يأته ظمان ينسكب
ما حلَّ موكبه أرضًا وقد جدبت ... إلاَّ لوطأه تختص بالعشب
[56]
أحمد بن عثمان بن خطلخ بن عبد الله الموصليُّ، المعروف بابن الشهرستانيِّ:
من بيت مشتهر بالموصل.

الصفحة 184