كتاب قلائد الجمان في فرائد شعراء هذا الزمان (اسم الجزء: 1)

كان شيخًا ماجنًا فيه ظرف وكياسة، له أشعار يظهر فيها تخالعًا، ويخلطها بالهزل. وكان متوليًا في أيام الناصر /103 ب/ لدين الله –رضي الله عنه- المصالح.
أنشدني أبو الفضل هبة الله بن أبي بكر محمد بن شنيف الكتبيُّ البغداديُّ، قال: أنشدني أبو العباس أحمد بن خالد المحوَّلي لنفسه: [من الكامل]
لمَّا رأت شيبي وعّزه ولَّى وقد ... أودى وما يرجى لديه قيام
من بعد ما قد كان يفتق طعنه ... رتق الكساس ودأبه الإقدام
طفقت تلمَّس شلوه وترنَّمت ... (يا دار ما صنعت بك الأيَّام؟ )
أصبحت ملقًى فوق بيضك ميِّتا ... لم تبق فيك بشاشبة تستام
ثم أنثنت مقروحة فأجبتها ... منِّي عليك إلى المعاد سلام
[61]
أحمد بن عبد الواحد بن أبي الأصبغ الكاتب، أبو العباس المراكشيُّ اللخميُّ، المعروف بابن الشريشيِّ.
عالم متقن بارع، أخذ في كل جنس من العلوم كالفقه والحديث والأدب والتفسير والطب والمنطق والنجوم والهندسة والأصولين والخلاف، ولم ير مثله في تفننه وكمال /102 أ/ فضائله.
خرج عن وطنه، ونزل الديار المصرية، وهو بها مقيم يقرئ العلوم.
أنشدني أبو عبد الله محمد بن يحيى المغربي الفقيه القسطنطيني، قال: أنشدني أبو العباس بن الشريشي لنفسه، وزعم أنه عملها بديهة: [من الطويل]
يكلِّفني كتمان أمر صبابتي ... وفي مقلتي عنوانها ودليلها
ويخشى عليها إن شهرت بحبِّها ... مقالة أهل الحيِّ أنِّي خليلخا
فتهجرني والهجر لا شكَّ قاتلي ... وإن متُّ قالوا: إنَّ هذا قتليها
وقالوا: أمأ يشفى فؤادك من جوى ... وروحك من بلوى يذيب غليلها
وأنت قد قيل في الطِّب أوحد ... تباشر أدواء الورى وتزيلها
فقلت لهم: إنَّ الصَّبابة حكمها ... مع السُّقم أن لا يستفيق عليلها

الصفحة 190