كتاب قلائد الجمان في فرائد شعراء هذا الزمان (اسم الجزء: 1)

الملك المعظم عيسى بن أبي بكر، وجعل له عليه رزقًا يتناوله كل شهر؛ وله فيه مدائح كثيرة. وكان ملازمًا حضرته سفرًا وحضرًا، ومات شابًا في شهر رمضان سنة ثلاث وعشرين وستمائة.
وأنشدني، قال: أنشدني أبو العباس لنفسه في سنة إحدى عشرة وستمائة:
[من الزجر]
إن سلَّ سيف الهجر من غمد الجفا ... فادرع الصَّبر الجميل والوفا
وقاتل الهجران بالوصل وما ... كدِّر من ورد التصابي بالصَّفا
/123 ب/ وإن خذلت بالسُّلوِّ فانتصر ... بالمدمع المنهلِّ حتَّى يكتفى
ولا تطع أمرًا سوى أمر الهوى ... وعاص في شرعته من عنَّفا
وبالدُّنوِّ فاستعذ خوف النَّوى ... من نزغ شيطان عزول سوَّفا
أحلى الهوى شهد الرُّضاب سيَّما ... إذا اجتناه الصبُّ من صاب الجفا
حسب الَّذي أجعله من ذلَّتي ... وسيلة إلى الجيب وكفى
من منقذي من يد هجر ظالم ... يأبى إذا أنصفته أن ينصفا
يهزُّ من قامته مثقَّفًا ... وينتضي من الجفون مرهفا
لو عنَّ للشَّمس استحت ولو بدا ... للبدر ضوء وجهه لانكسفا
يريك بالغرَّة صبحا نيِّرًا ... منه وبالطُّرَّة ليلًا مسدفا
يجذب خوط قدِّه من ردفه ... دعص فلولا لينه لانقصفا
مضعف ورد الخدِّ كم قلب به ... بعد القوى في حبِّه قد أضعفا
أقام من أصداغه عقاربًا ... تحرسه من لحظنا أن يقطفا
ما أنكرت أجفانه سفك دمي ... إلا أتاني خدُّه معترفا
خدٌّ به جمر من الحسن جرى ... من حوله ماء الحيا وما انطفا
. كل مشرق ورائق ... بعد اختلاف عنده تألَّفا
/124 أ/ كأنَّ في فيه لدى ابتسامه ... برقا أضا أو درًّ عقد قد صفا
تحسب في نكهته وطعمه ... مسكًا وشهدًا وسلافًا قرقفا
أضاء بدرًا ورنا ظبي نقًا ... وفاح مسكًا وانثنى مثقَّفا
وصدَّتيهًا وتجنَّى مللًا ... وصال كبرًا وتولَّى صلفا

الصفحة 215