كتاب قلائد الجمان في فرائد شعراء هذا الزمان (اسم الجزء: 1)

وتصدّر بجامع حلب برزق قرر له من وقف الجامع لإقراء القرآن والعربية. وكان بخيلًا بما عنده من ذلك يصادف فيما يذكره في أوقات حضوره فما استفاد منه أحد، ولا ظهر له تلميذ معروف.
ولم يزل على جده في الكد وتعرّضه للطلب من أكابر بلده من الجند بغير حاجة إلى أن ذهب لسبيله بالوفاة.
وكان له شعر رديء من شعر النحاة، فيه تكلّف ..... وتصنع، يذهب رونق النظم يمدح به لطلب الازدياد. وكان إذا تلا القرآن تلاه بصوت غير شج، ويتصنع الحروف من مخارجها فيزيد في ذلك على الواجب، يرفع به صوته ..... المسامع؛ غير أنه كان شديد الاجتهاد في طلب الفوائد من صفحات الصحف يلازم المطالعة ليلًا ونهارًا، ويلزم الحفظ لبعض ما يمر به في أثناء ذلك.
ولقد حكى لي الشريف أبو هاشم /143 أ/ ابن أبي حامد الحلبي صديقي – رحمه الله – قال: أخبرني جار له، قال: رأيت ابن الحبراني في زمن الصيف يقوم في ثلث الليل الأخير في سطحه، ويوقد سراجًا في موضع ..... من ..... ، ويقعد للمطالعة وقتًا طويلًا دائمًا في كل ليلة لا يشغله الحر ولا القر عن المطالعة والاستفادة. وكان إذا لوحح في السؤال تضجر وسط لضيق عطنه، وربما سئل عن المسلة فسارع إلى الجواب ويخطئ فإذا ردد عليه الخطأ عز عليه واستوحش وانقطع عن ذلك المجلس.
قال الإمام القاضي أبو القاسم بن أبي الحسن الحنفي الحلبي: قرأ على شيخنا أبي القاسم بن علي بن قاسم بن الزقاق الأشبيلي المقرئ وغيره، وقرأ اللغة على شيخنا أبي اليمن زيد بن الحسن الكندي، والنحو على أبي الرجاء محمد بن حرب النحوي الحلبي، وسمع أبا الفرج يحيى بن أبي الرجاء بن سعد الثقفي، وأباه أبا منصور هبة الله بن سعد؛ وله شعر حسن.
تصدّر بالمسجد الجامع لإفادة علوم القرآن العظيم واللغة والنحو إلى أن مات بحلب يوم الاثنين سابع عشر شهر رجب من سنة ثماني وعشرين وستمائة /143 ب/ ودفن في سفح جبل جوشن.

الصفحة 239