كتاب قلائد الجمان في فرائد شعراء هذا الزمان (اسم الجزء: 1)

وسألته عن نسبته ابن الجبرانيُّ، فقال: من أجداده من هو منسوب إلى جبرين قورسطايا قرية من ناحية عزاز؛ قال: وهو من شواذ النسب.
وكتبت عنه شيئًا من الحديث، وشيئًا من شعره، وفوائد من شيوخه، وسألته عن مولده، فقال: في سنة إحدى وستين وخمسمائة.
أنشدني القاضي الإمام أبو القاسم العقيلي – أبقاه الله تعالى – قال: أنشدني أبو القاسم أحمد بن هبة الله الحلبيّ لنفسه: [من الطويل]
لقد سمت ما لا أستطيع من الأمر ... رويدك إنَّ اللَّوم لي بالهوى يغري
فلو ذقت ما قد ذقت من لذَّة الهوى ... تيقَّنت أنَّ العذل ضرب من الهجر
سقاني الصِّبا كأس الهوى ثمَّ علَّني ... وجرَّعني من حلوه ومن المرِّ
بنفسي الَّتي أودى هواها بمهجتي ... وأصبح قلبي عندها موثق الأسر
إذا سمتها تعجيل حلو وصالها ... تكلِّفني صبرًا أمرَّ من الصبر
وترنو بطرف كلَّما طرفت به ... تقلَّب قلبي في ذكيٍّ من الجمر
فتحسب هاروتًا وماروت إذ رنت ... لدى الرَّأي في البابنا نافثي سحر
لقد منعت يقظى لذيذ وصالها ... وفي النَّوم حتَّى صدَّت الطَّيف أن يسري
/144 أ/ ولو أنَّها تستطيع بخلًا بذكرها ... لصدَّته أن يجري ويخطر في فكري
عليه وصالًا منك بشقيه أنَّه ... أضرَّ به الهجران يا ضرَّة البدر
جوانحه تأتجُّ نارًا من الأسى ... وأجفانه قرحى وأدمعه تجري
لك الله من قدٍّ رشيق وطلعة ... لقد أزريا بالبدر والغصن النَّضر
تعطِّر نادي الحيِّ إذ خطرت به ... ولم تمس الأردان شيئًا من العطر
ولم أنسها يوم الوداع وقد سبت ... فؤادي وغالت ما ادَّخرت من الصَّبر
بدرَّين منثورين لفظ وأدمع ... ودرَّين منظومين في الفم والنَّحر
لأزمع لمَّا إن رحلت ترحُّلًا ... رقادي عن عيني وقلبي عن صدري
قفي زوِّديني نظرة منك علَّني ... أعيش بها يا عزُّ واغتنمي أجري

الصفحة 240