كتاب قلائد الجمان في فرائد شعراء هذا الزمان (اسم الجزء: 1)

والتجارة والأمانة.
كان أبوه من التجار المعروفين، والأمناء المشهورين. سافر إلى الشام وخراسان، وعاد إلى بغداد، وتولى وكالة الجهة /150 ب/ الشريفة والدة الناصر لدين الله، وتقلّد أعمالًا جليلة منها النظر في المظالم والوكالة، وغير ذلك. وكان له خمس بنين كلهم فاضل جميل.
فلما مات قام مقامه أكبر من أولاده؛ وهو أبو الأزهر، فنظر فيما كان ينظر فيه أبوه من الأوقاف التي شرطت الواقفة لهم، والنظر فيها مدّة.
ثم عزله الناصر لدين الله فلازم داره مواظبًا على تلاوة القرآن المجيد؛ إلى أن عين له على نيابة بعض الأمراء والنظر في حال جنده وإقطاعه؛ فكان على ذلك مدة.
ثم انفصل عنه وانقطع إلى منزله منعكفًا على قراءة كتاب الله تعالى على أحسن قاعدة، وأجمل طريقة؛ إلى أن مات الناصر لدين الله – رضي الله عنه – وبويع ولده الظاهر بأمر الله – رضوان الله عليه – فاستدعاه لمبايعته.
ثم فوّض إليه وكالة السادة الأمراء من أولاده، فبقي على ذلك إلى أن توفي الظاهر – رضي الله عنه – وبويع ولده الإمام المستنصر بالله – أعز الله أنصار دولته – فقربه وأدناه، وفضله على من سواه، وأحضره في يوم /151 أ/ المبايعة، وأحضر قاضي القضاة أبا صالح نصر بن عبد الرزاق، وقال له أستاذ الدار العزيزة أبو نصر المبارك بن الضحاك. وكانا قائمين بين يدي الشباك الشريف، وهو الذي قام بأمر البيعة لشيخوخته ... لأشغال الدار العزيزة، فقال له: إن أمير المؤمنين قد وكل أبا الأزهر أحمد بن محمد بن الناقد في كل ما يتجدد من بيع وإقرار وعتق وابتياع، فقال قاضي القضاة: أهكذا يا أمير المؤمنين! قال: نعم، فقال له: وليتني ما ولاني والدك – رضوان الله عليه؟ - فقال: نعم قد وليتك ما ولاك والدي فنزل وأثبت الوكالة الشريفة بالعلم، وأشهد عليه بثبوتها عنده سائر المعدلين.
ثم ردّ أمر الوكلاء بالأبواب الشريفة إليه مضافًا إلى الوكالة، وخلع عليه في ذلك اليوم؛ ولم يزل يرتقي ..... وجاهة في كل يوم؛ إلى أن عزل الوزير أبو الحسن محمد بن محمد بن برز القمي عن نيابة الوزارة وذلك في يوم السبت سابع عشر شوال

الصفحة 250