كتاب قلائد الجمان في فرائد شعراء هذا الزمان (اسم الجزء: 1)

أبي غنج أنشأه الصاحب أبو الكرم محمد بن علي ابن مهاجر الموصلي. وأقام له فيه جاريًا يدّر عليه، وجامكية تصل إليه تقوم بأوده وتفضل عنه؛ إلّ أنَّه /154 أ/ لم يزل متألمًا من الزمان، كثير التعب من صروفه، شاكيًا من أبناء دهره، قليل الحظ منهم.
ثم انتقل إلى المدرسة البدرية، فلم يزل مقيمًا بها إلى أن توفي. كان رجلًا أسمر اللون، عبل البدن، مدور اللحية. وذكر لي أنَّه كان في بدو أمره له بصر يسير، ويعرف الألوان، ويفرق بينها. ثم ذهب بصره بالمرّة. وكان إذا مشى لم يحتج إلى قائد يقوده. وكان له لحية سوداء حسنة مدوّرة.
وحدثني، قال: لما شرعت في الاشتغال بكتاب "الفخري في الحسنات" واجتهدت في دراسته وحفظه على الشيخ أبي المعالي ثارت على السوداء، وبقيت مدة مريضًا بها؛ فلما أبللت من ذلك انثرت لحيتي جميعها ولم تعد إلى ما كانت عليه. وكان خفيف العارضين جدًا خالطه الشيب قليلًا.
أخبرني أنه ولد في اليوم الثاني عشر من جمادى الأولى سنة تسع وثمانين وخمسمائة. وتوفي في العشر الأول من شهر رجب سنة تسع وثلاثين وستمائة – رحمه الله تعالى -.
وحفظ عدّة من الكتب المجردة في النحو /154 ب/ والأدب واللغة والأشعار العربية منها كتاب "الإيضاح" لأبي علي الفارسي، وكتاب "المفصل" لأبي القاسم الزمخشري، وكتاب "الكافي في علم العروض والقوافي" لأبي زكريا التبريزي، وكتاب "مجمل اللغة" لأبي الحسين [أحمد] بن فارس الرازي، وكتاب "الفخري في الحساب".
ثم إنه تحفظ من أشعار العرب الجاهلية والإسلام والمولدين والمحدثين ما لا يحصى، وصنف كتبًا مفيدة في النحو والعروض منها: كتاب "الجوهرة في مخارج الحروف" وهي قصيدة مزدوجة رجز، وكتاب "الإلماع في شرح لمع ابن جني"، وكتاب "التوحيد" في شرحه أيضًا، وكتاب "تحرير المقياس في تفسير القسطاس"

الصفحة 254