كتاب قلائد الجمان في فرائد شعراء هذا الزمان (اسم الجزء: 1)

ولم أنس يوم البين موقفنا وقد ... رأت زفرتي بين الجوانح تركضا
وأجريت دمعًا لو جرى فوق صفصف ... لأخصب منه كلُّ محل وروَّضا
وكم حاولت بسطًا لتوديعه يدي ... فواحرَّ وجدي أن تكفَّ وتقبضا
ومن شقوتي أنِّي حرمت وداعه ... لأن النَّوى قد صار حتمًا بها القضا
ولمَّا رأيت الهجر كالدَّهر باقيًا ... تخيَّلته واش عليه محرِّضا
لعمرك إنَّ العيش من بعد حمده ... ذميم وكم سخط يولِّده الرِّضا
صفا لي بالإقبال والإلف مقبل ... وأعرض عني صفوه حين أعرضا
ولم أتجنَّب قصد مغناه سلوة ... ولكنه لمَّا نأى ضيَّق الفضا
/158 أ/ قضى الدَّهر بالهجران بيني وبينه ... ولي دين وصل عنده ليس يقتضي
قنعت ببرق الشام يبدو مذهَّبًا ... فيترك خدِّي بالدُّموع مفضَّضا
وأنشدني لنفسه في مشترك اللغة: [من الكامل]
ودجاجة صارت لثور مركبًا ... والفيل فوق الثُّور يقتل أخرسا
الدجاجة: الكبَّة من الغزل، والثَّور: القطعة من الأقط، والفيل: الرجل الضعيف الرأي، ويقتل: يمزح، ولبن أخرس: لا صوت له في الإناء.
ناولته قوسًا بلا وتر لها ... سهم إذا ما صاب أحيا الأنفسا
القوس: ما بقي في القوصرَّة من التمر، والسهم: النصيب، وقد خيل به التشابه. وصاب وأصاب لغتان، وقوله: أحيا الأنفسا؛ لأن التمر قوت، وهذا موضع الإلغاز.
وشربت من كعب لديه مسمّن ... فأثرت من عسل ترابًا أغبسا
الكعب: بقية السمن في العكَّة /158 ب/ ومنه قول الحجاج للطّباخ في سمكة سمنها. والعسل: العدو، والأغبس: من الغبسة كلون الذئب.
وفد المسيح له فزرنا مريمًا ... ربُّ المسيح إذا رآها أفلسا
وفد: أي جاء، والمسيح: العرق، وقوله: به: أي بالعسل لأنه شيرة، والمريم

الصفحة 258