كتاب قلائد الجمان في فرائد شعراء هذا الزمان (اسم الجزء: 1)

وعلى كواكبه كآبة عاشق ... فقد الحبيب فطرفه لا يهجع
ذهبت محاسنها وأبطأ عيرها ... وجدًا فهن به قباح طلَّع
ونهاره يثني عليه بصومه ... وقت الهجير وليس ريق ينقع
/160 ب/ وإذا أتى صاد إلى إحسانه ... فله من المعروف بحر مترع
يهوى البداءة بالعطاء ودينه ... صمت وإغضاء به وتخشُّع
ويغضُّ عن نظر الفواحش مقلة ... تقذى إذا رأت العيون وتدمع
وإذا تحدَّث من يجالسه بما ... فيه ذهاب مروءة لا يسمع
وإذا جرى يوم السِّباق إلى العلا ... وقفت عن الجري الرِّياح الأربع
وإذا أمال ذوي الغواية مطمع ... فيما يدنِّس لم يمله مطمع
ويفلُّ حدَّ النَّائبات بحدِّه ... ويذبهنَّ عن الصَّديق ويدفع
ويذُّل من عادى ويخفض صيته ... ويعزُّ بالنَّصر الوليَّ ويرفع
يا موت كم أشقيت مسعودًا به ... ما زال في روض التَّنعُّم يرتع
فنضا بكره عنه ثوب نعيمه ... فسروره يوم المصاب مودَّع
قل للسَّحاب إذا مرته يد الصَّبا ... وذكت بأعلاه البروق اللمَّع
وأصمَّت الأسماع شدَّة رعده ... فبكلِّ أذن حين يرعد إصبع
واسودَّت الآفاق من إظلامه ... فعلى النَّهار من الحنادس برقع
احلل عراك على ضريح حلَّه ... من لم يزل يروي نداه ويشبع
وتعلَّم المعروف من معروفه ... حتى تنيل فكلُّ علم ينفع
/161 أ/ واستحي لا تفخر عليه فإنِّه ... وله المفاخر بالحياء ملفَّع
وحياك نائله وبرقك نشره ... فرحًا ورعدك بأسه إذ يوقع
يعفو عن الجاني بغير مذلَّة ... ويكفُّ غرب المعتدين ويردع
يبغي رضا الله الكريم ووجهه ... فيما يلامسه وما يتوقَّع
وإذا طريق القول ضاق على امرئ ... من عيِّه فله طريق مهيع
كم مشهد للعلم يعجز حيرة ... عن أن يفوه به الخطيب المصقع
أمضيت فيه من لسانك صارمًا ... تفرى الأكفُّ بحدِّه والأذرع
كم جائع أشبعته متيِّقن ... من بعد موتك أنَّه لا يشبع

الصفحة 261