كتاب قلائد الجمان في فرائد شعراء هذا الزمان (اسم الجزء: 1)

كم ليلة أحييتها بعبادة ... لله تسهر والخلائق هجَّع
سعدت قبور جاورتك وأهلها ... بخلود جنَّات النَّعيم تمتَّع
جزعي لفقدك في الفؤاد مخيِّم ... ومن العجائب أننَّي لا أجزع
أرضاك رُّبك بالنَّعيم مضاعفًا ... ووصلت بالخير الَّذي لا يقطع
وضفا عليك من الخلود لباسه ... وصفا لديك من الجنان المكرع
وسكنت جارًا للنبيِّ بمنزل ... في كلِّ وقت بالكرامة يشفع
وأنشدني أيضًا يرثي أبا إسحاق إبراهيم /161 ب/ ابن محمد الرُّقي المعيد بالمدرسة النوريّة: [من الطويل]
تمنَّى بنو الدُّنيا بها أن يعمَّروا ... وإنَّ المنايا من مناهم لتسخر
تدور كؤوس الموت في كلِّ ليلة ... ويوم وتسقاها برغم فتسكر
ونعرف أنَّا صائرون إلى الرَّدى ... ولكنَّنا نهوى الحياة فننكر
نريد على مرِّ اللَّيالي تغيُّرًا ... وتأميلنا للعيش لا يتغيَّر
أما في ذهاب الأهل عنَّا إلى البلى ... لمن كان ينسى حتفه ما يذكِّر
أما في فناء الأصدقاء وفقدهم ... موارد أحزان لها الفكر مصدر
فحتَّى م شيطان الغرور مسلَّط ... وكيف انتعاش المرء والجدُّ يعثر
وكم يستغرُّ النَّفس في الغيِّ مطمع ... ويغدر بالنَّاس الزَّمان فيعذر
وكم ينظم العيش الرَّخيُّ عصائبًا ... فيغتالهم صرف الحمام فينثر
ومن يتَّقي بالمال سهم منيَّة ... يصاب به منَّا مقلٌّ ومكثر
وما نحن إلاَّ مثل سفر مشيَّع ... فمنَّا الذي يغدو ومنَّا المهجِّر
ولو غشي الألباب نور رشادها ... لكان لها في كل وقت يذكِّر
ومن أبن الموتى بذكر محاسن ... فتأبين إبراهيم أولى وأجدر
كريم إذا رجَّيته فزت بالغنى ... وحبر لأنواع العلوم يحبِّر
/162 أ/ شجاع إذا ما الخصم صعَّر خدَّه ... أقمنا به من خدَّه ما يصعَّر
ولو كان ملكًا أو خطيبًا سما به ... على كلِّ ما يسمو سرير ومنبر
يروقك ألفاظًا حلت ومعانيا ... ومن سرعة الإدراك لا يتفكَّر
وكم وشي شعر حاكه ببديهة ... إذا وشت استحيت من الوشي عبقر

الصفحة 262