كتاب قلائد الجمان في فرائد شعراء هذا الزمان (اسم الجزء: 1)

بنى لأبيه بيت مجد مشيِّدًا ... إذا طاولته الأنجم الزُّهر تقصر
وكان عصاميَّ السِّيادة نفسه ... تعلِّمه أفعالها وتبصِّر
يذكِّرني أخلاقه بهبوبه ... نسيم الصَّبا والرَّوض ريّان أخضر
فتزداد أشواقي إليه وبينه ... وبيني منهال من التُّرب أغبر
شكوت خطوب الدَّهر من قبل فقده ... ومن بعده البلوى تزيد وتكثر
شرين خيار النَّاس من بشرهم ... فبعت على كره لأنِّي أخسر
خليليَّ هلاَّ تسعداني فإنِّني ... ذخرتكما وألخلُّ للخطب يذخر
أعيراني الصَّبر الجميل فإنِّني ... جزعت ومن لي أنَّني عنه أصبر
قفا بي على قبر الغريب وإنَّما ... وقوفي عليه عبرة وتحسُّر
ولو أننَّي أنصفته فاض مدمعي ... دمًا فكأنِّي في شؤوني أنحر
وقولًا له مغناك بعدك مظلم ... تجنَّبه السُّكَّان والتِّبر نيِّر
/162 ب/ وقولا له إن حالت الأرض بيننا ... تساوى له عندي مغيب ومحضر
وقولا له عظَّمت قبرًا سكنته ... فليسُّ يمس القبر إلا المطهَّر
فقدناك فقد الرَّوض سقيا سحابة ... وفقد الضحى شمسًا بها كان .....
ولو كانت الأنواء عالمة بما ... وهانا لما زالت من الحزن تمطر
ولو عرفت شمس الضُّحى ستر وجهه ... بهيل تراب لم تزل تتستَّر
طوته المنايا في اللُّحود وحمده ... إلى يوم إنشار الخلائق ينشر
ويحيا الفتى بالذِّكر بعد وفاته ... وما مات من آثاره الغرُّ تذكر
وأنشدني من شعره لغزًا في اللحية: [من الطويل]
وصاحبة مصحوبها لا يملُّها ... إلى الموت يكسي جسمها ثوبي الدَّهر
يخاف إذا ما صارمته وأنَّه ... يرى هجر بعض إن أحبَّ أبا بكر
تصاب بغسل إن أصيب ولم تكن ... لتغشى ويحيا الطُّهر إن كان ذا طهر
وأنشدني أيضًا في الديك والدجاجة: [من الخفيف]
جارتي أمُّ حفصة وأبو المنذر زوجان يرضيان الفجورا
حرَّما الغسل دائمًا عن جماع ... واستباحت دم ابنها المحضورا
فصحيح إذا ناها وإن يدن ترى العين صلبه مكسورا

الصفحة 263