كتاب قلائد الجمان في فرائد شعراء هذا الزمان (اسم الجزء: 1)

"الرجحان في شرح الميزان" لأبي البركات الأنباري، وكتاب "الإفصاح في شرح الإيضاح" لأبي علي الفارسي.
وهو مقل من عمر الشعر، يقول منه يسيرًا في غرض يقع. أنشدني لنفسه، وكان في سنة ثلاث وثلاثين وستمائة في جمادى الأولى بعد رجوع التتار الملاعين – خذلهم الله تعالى – عن الموصل، وأمر أميرها بدر الدين لؤلؤ ابن عبد الله بتعطيل المدارس وصرف الفقهاء والمدسين، وأن لا يقيم أحد بها غير بوَّاب وفرَّاش وإمام ومؤذن، يستعين بذلك على العدو وقمعه.
ثم أقطعها الأجناد والأمراء فلم يبق يومئذ بالموصل مدرسة يدرس فيها الفقه، فعند ذلك سافر المتفقهة وتبدد شملهم، وتفرقوا في البلاد، ودثرت معالم الدين، وعظمت البلوى لنزول هذه الحادثة الشنيعة، وحلول هذا الخطب الجسيم، فقال في ذلك أبو العباس متوجعًا نادبًا لرسوم الفقه باكيًا أهله: [من الخفيف]
/165 أ/ يا لخطب دها وشأن شنيع ... وبلاء فاجا وآمر فظيع
ورزايا أصابت الدِّين حتَّى ... هدمت منه كلَّ حصن منيع
ومصاب ذلَّت به ملَّة الإسلام ... من بعد عزِّها المجموع
وانتهاك لحرمة الشَّرع بالمنكر ... من خفض قدره المرفوع
حين أضحت معالم العلم قفرا ... آفلات الأقمار بعد الطُّلوع
خاليات من لذة الأنس فيها ... موحشات الأرجاء بعد الجموع
لهف نفسي على المدارس إذ تندب سكَّانها بفيض الدُّموع
سلبت بهجة الدُّروس فأضحت ... في دروس من بعدها وخشوع
طالما كان ليلها كسنى الفجر بتكرار كلِّ فنٍّ بديع
إذ بسكانها يؤسّس للدين مباني أصوله والفروع
فابك يا صاح بعدها منصب الشَّرع بحزن وعبرة وخشوع
ثم منَّ الله بعد ذلك على الفقهاء وأهل العلم، وتداركهم بلطفه وأنزل في قلب الأمير بدر الدين بأن أمر بردّ الفقهاء إلى المدارس، وإعادة جراياتهم، وذلك في أوائل

الصفحة 266