كتاب قلائد الجمان في فرائد شعراء هذا الزمان (اسم الجزء: 1)

ومما كتبه إلى عز الدين صدقة جوابًا عن كتاب ورد منه يذكر فيه سلام الصدر الكبير تاج الدين بن إربل: [من الطويل]
تحيَّة من بالودِّ منك كفيل ... مقيم بحفظ العهد ليس يحول
يكلِّف خفَّاق النَّسيم سلامة ... إليك فخفَّاق النَّسيم رسول
أحمِّله شوقي ولو كان ممكنًا ... عملت ببرح الشَّوق حين يقول
وأسأله حمل الجواب لو أنَّه ... مليء بإيراد الجواب حمول
/171 أ/ كفى أسفًا إذ لا تزاور بيننا ... ولا رسل إلَّا أن تهبَّ قبول
رحلت فللزَّوراء نحوك لفتة ... يرقُّ لها قاسي الفؤاد عذول
سقى جانبي بغداد غادر ورائح ... من الودق لماع البروق هطول
منازل أهليك الَّذين تريدهم ... ورهطك والرَّهط ..... قليل
ولا دار من تهواه منها بعيدة ... ولا الرَّسم فيها من هواك محيل
وإن بتَّ ذا شوق إليها فشوقها ... إليك على مرِّ البعاد طويل
وعزُّ بني أيُّوب سام رواقه ... عليَّ وظلُّ وارف وظليل
تدرَّع بحسن الصَّبر فيما لقيته ... من الدَّهر إن الصَّبر منك جميل
بلى لك في خلق ابن نصر وفعله ... وقرب علاه موطن وقبيل
ولا عجب إذا أنت منها تحبُّها ... ويحنو عليها نازح ودخيل
ففي حبِّها خلَّفت قومي وجدَّلي ... عن الأهل والرَّبع الأنيس رحيل
وفارقت عليا الشَّام ..... لأجلها ... ولي في ذراه مسرح ومقيل
لك الله إذ بدِّلت عنها بإربل ... وبالرُّغم إذ عنها الخراب بديل
كرهت بناديها المقام أنيسة ... وقد أوحشت دار لها وطلول
فقد يكره المرء الَّذي فيه ضرُّه ... ويوثر فعل الأمر وهو وبيل
/171 ب/ ومن يلق تاج الدِّين ماشطَّ أهله ... ولا بان عنه صاحب وخليل
وأنشدني أيضًا لنفسه: [من الطويل]
يجدِّد شوقي طيفكم كلَّما سرى ... إليَّ ولكنَّ الخيال كذوب
لعلَّ نسيم اللَّيل في نفحاته ... يخبِّرني أنَّ اللِّقاء قريب
تمنَّيت يومًا وصلكم فحرمته ... وكل أماني العاشقين نحيب

الصفحة 274