كتاب قلائد الجمان في فرائد شعراء هذا الزمان (اسم الجزء: 1)

وأنشدني أيضًا من شعره: [من الخفيف]
من يبت وهو مستلذٌّ بوصل ... فلقد بتُّ كارهًا للوصل
/178 ب/ مستلذُّ بالهجر إذا ارتجى الوصل ... وأخشى في الوصل تشتيت شملي
[106]
أحمد بن عليِّ بن أحمد بن شندل، أبو العباس الأوانيُّ:
وأوانا بلدة مشهورة فوق بغداد بعشرة فراسخ.
ولد سنة خمس وسبعين وخمسمائة خارجها، ونشأ بها؛ وهو شاعر مكثر مداح منتجع، يمتاح بأشعاره، له بديهة في الشعر، وخاطر جيد في نظمه، يتكل على طبعه في النظم لا يستعين بغيره على عمل الشعر. وجلُّ قوله في شكوى الزمان وأهله، ولم يزل من الدهر متألمًا، ومن أبنائه متظلّمًا، لقلّة حظّه من أهل عصره، يتردّد إلى مدينة السلام، ويفد إلى أمرائها وأماثلها مستجديًا لهم بشعره وعنده دعاو عظيمة، وافتخار بقوله، ويرى تفضيل نفسه على أبي تمام والبحتري والمتنبي! حتى يسرف في القول.
لقيته ببغداد في شهر رمضان سنة أربع وعشرين وستمائة، وزعم أنه لم يعرف من النحو شيئًا، ولا قرأ منه لفظة، /179 أ/ ولا طالع كتابًا قط إلا [أنه] يضع الشعر طبعًا.
سئل عن معنى "شندل" فقال: هو من أجدادي؛ وهو لقب له غلب عليه، وذلك أنه نزل إلى بئر فخرج منها وقد أصابه البرد، فمشى غير مستقيم، وقيل: كأنَّه شندل، فنحن نسمى ببني شندل.
وكان رجلًا أسمر طويلًا خالطه الشيب خبِّرت أنه توفي في الشعر الأخيرة من رمضان سنة خمس وثلاثين وستمائة.
أنشدني لنفسه في لطف التقاضي: [من الوافر]
.. ..... كأن ضبّا ... أتى يبغي مواصلة لحوت
حياء مانع حسن التَّقاضي ... وفقر يقشعرُّ من السُّكوت

الصفحة 283