كتاب قلائد الجمان في فرائد شعراء هذا الزمان (اسم الجزء: 1)

تفقه ببغداد على أبي القاسم بن فضلان، والمجير أبي القاسم البغداديين، وبالموصل على القاضي تاج الإسلام أبي عبد الله الحسين بن نصر بن خميس الجهني؛ ثم على الشيخ /255 أ/ القاضي أبي سعد بن أبي عصرون بالشام، والقاضي أبي الرضا سعيد بن عبد الله بن القاسم الشهرزوري الموصلي.
وتميّز في الفقه، وتكلم في المسائل الخلافية، وسمع الحديث على القاضي أبي الفرج عبد القاهر بن نصر بن أسد بن غياث بن عبسون؛ إلَّا أنه غلب عليه قول الشعر، واشتهر به.
وولي القضاء بدنيسر سنين وبغيرها من البلاد. وكان شاعرًا من الشعراء المكثرين الفضلاء المتأدبين؛ طاف بلاد الشام، وامتدح ملوكها، وانتجع سلاطينها. وممن سار شعره واشتهر بين الناس أمره، وغنى به المغنون، ولطف موقعه في القلوب، وتداوله الناس بينهم.
وكان- مع ذلك- فقيهًا شافعي المذهب شيخًا مفاكهًا ظريفًا متنادرًا. وبلغ من العمر تسعين سنة، بل نيّف عليه.
واستوزره صاحب حماة وميّزه على نظرائه. وكان ينفذه إلى البلاد رسولًا.
أدركت أواخر أيامه ولم أرزق لقاءه، وروى لي عنه جماعة؛ وخبرت أنه توفي بسنجار في أوائل المحرم سنة أربع وعشرين وستمائة. وكان مولده في حادي عشر جمادي الأولى /255 ب/ من سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة.
[ساق ذكره الصاحب شرف الدين أبو البركات المستوفي في تاريخه ..... قال: الفقيه الفاضل الشاعر ذو الألفاظ المتناسقة، والمعاني الرائقة، المفرغة في قوالب الإحسان صورها، المتلون بكل لسان آياتها وسورها، له أخلاق للصبا لطفها، ومحاسن لعطارد ظرفها. قال: وقرأ عليه أخي أبو المعز المظفر بن أحمد المستوفي شيئًا من شعره وكتبه له بخطه، وكنت أحب أن أجتمع به وآخذ عنه شيئًا من شعره حتى أتاح الله لقاءه رسولًا من حماة من الملك المنصور، وكان له عنده منزلة، فأنشدني من

الصفحة 380