كتاب قلائد الجمان في فرائد شعراء هذا الزمان (اسم الجزء: 1)

/258 أ/ أعلمت ما صنع الغرام بقلبه ... أودى به لمَّا ألبَّ بلبِّه
بأبي الَّذي لا يستطيع لعجبه ... ردَّ السَّلام فإن سلكت فعج به
لبَّاه لمَّا أن دعأه وهكذا ... من يدعه داعي الغرام يلبِّه
متتائهٌ بالحسن مغرورٌ به ... لا يرعوي عند العتاب لعتبه
إن كنت تنكر ما جناه بلحظه ... من سلبه يؤم الغوير فسل به
أو شئت أن تلقى غزالًا أعفرًا ... في سربه أسد العرين فسر به
ظبيٌ من الأتراك ما تركت ظبا ... ألحاظه من سلوة لمحبِّه
يا ما أميلحه وأعذب ريقه ... وأعزهَّ وأذلَّني في حبِّه
[الشَّمس تبدو من أسرَّة وجهه ... والغصن يخجل من مهفهف رطبه
كم من خمار دون خمرة ريقه ... وعذاب قلبٍ دون رشفة عذبه
يا للرجال أظلُّ أطلب قربه ... عجبا وأصل بليَّتي من قربه]
حدثني القاضي الإمام أبو القاسم عمر بن أحمد بن أبي جرادة الحلبي الحنفي- أدام الله أيامه- بمحروسة حلب بمنزله المعمور في العشر الأول من ربيع الآخر سنة اربع وثلاثين وستمائة- من لفظه- قال: حدّثني أبو المعالي أسعد بن يحيى بن موسى السنجاري الشاعر، قال: كان صاحب آمد يهوى قينة، فقال لها يومًا وهو سكران، فعلقت يدها في طوقه وقالت متمثلة:
/258 ب/ (لتقرعنَّ عليَّ السِّنَّ من ندمٍ ... إذا تذكَّرت يومًا بعض أخلاقي)
فوقع ذلك في قلبه، فدخلت عليه فأخبرني بالقصة، فقلت: ارتجالًا وضمّن البيت: [من البسيط]
أدر كؤوسك عنِّي أيُّها السَّاقي ... وأرفق عليَّ فهذا وقت إرفاقي
أما ترى سورة الصَّهباء قد سلبت ... عقلي وقد أسكرتني خمر أشواقي
نار الغرام وماء الدَّمع قد جمعا ... فاعجب له بين إعراقٍ وإغراق
لم يبق منِّي هوى ليلى سوى رمقٍ ... وفي الزُّجاجة باق يطلب الباقي
قالت وقد قلت في سكر أمازحها: ... سلوت عنك فمدَّتني بإطراق

الصفحة 384