كتاب قلائد الجمان في فرائد شعراء هذا الزمان (اسم الجزء: 1)

المظفر بن سنينيرة الشاعر الواسطي، قال: كنت أنا وأبو المعلى أبعد بن يحيى السنجاري سائرين في طريق سنجار، وكان معه مملوك حسن الصورة بديع في جماله، /260 ب/ فتقدمنا فناداه فلم يجبه، فأنشد بديهة: [من الطويل]
بنفسي حبيبٌ جار وهو مجاورٌ ... بعيدٌ عن المشتاق وهو قريب
يجيب صدى الوادي إذا ما دعوته ... على أنَّه صخرٌ وليس يجيب
وقال يمدح الملك الناصر صلاح الدين- رضي الله عنه-: [من السريع]
ما أومض البارق من نجد ... إلَّا واذكى لوعة الوجد
ولا جرت ريح نسيم الصَّبا ... إلَّا جرى دمعي عى خدِّي
اشتاق أنفاس نسيم الصَّبا ... إذ تتهادى عذب الرَّند
وأشتكي البين إلى بانةٍ ... وقلَّما أجدى ولا يجدي
يا لأصيحابي على لعلعٍ ... هل عندكم للبين ما عندي
قالوا أتشتاق ليالي الحمى ... قلت: لقرب العهد بالعهد
ليس الحمى إلَّا بأهل الحمى ... طيب زمان الورد بالورد
يا واحدًا شام بريقًا على ... الشَّام غدا يحدو على الوخد
حيِّ أثيلات بوادي النَّقا ... وقف بأعلى العلم الفرد
وقل له حيِّيت من هاجرٍ ... يحبُّه قلبي على الصَّدَّ
/261 أ/ يمزج لي صابًا بشهد وما ... أحبُّ مزج الصَّاب بالشَّهد
بسهمه أثبت قلبي وما ... أثَّر خرق السَّهم في جلدي
أبعدني عنه زماني وما ... أعلم ما أحدثه بعدي
فعدِّ عن نجد وسكَّانها ... إلى نمير البارد العدِّ
وذِّكر النَّاقة سعدانها ... وقل لها: يا نأقتي جدِّي
قال: لقد بالغت في زجرها ... قالت: لقد جزت عن الحدِّ
أمطلع الشَّمس بنا تبتغي ... فقلت: لا بل مطلع الحمد
الملك النَّاصر من وجهه ... كالقمر الزَّاهر للرِّفد

الصفحة 387