كتاب قلائد الجمان في فرائد شعراء هذا الزمان (اسم الجزء: 1)

سلك طريقة أبي الحسن علي بن بسّام في هجاء الأشراف والأكابر وتمزيق أعراضهم. وأشعاره لاذعة في الهجاء، ونثره دون شعره، واتصلت مدائحه بالديوان العالي المستنصري- مجده الله تعالى- فصارت له كل عام وظيفة تدرّ عليه، ورسم لا ينقطع.
لقيت أبا المجد النشابي بإربل سنة خمس وعشرين وستمائة، فأنشدني كثيرًا من أشعاره؛ ومما أنشدني لنفسه يمدح مولانا وسيدنا الإمام المستنصر بالله أمير المؤمنين أبا جعفر المنصور- أدام الله أيامه- ويشير إلى ذكر الخلفاء الراشدين- صلوات الله عليهم- من عهد السفاح إلى الدولة المستنصرية- ثبتها الله وأيدها: [من الكامل]
الجدُّ يرتع في المقام الأفخر ... والعزُّ يربع في الجنا الأخضر
والدَّهر من بعد القطوب بدا لنا ... يزهو كوجه الضَّاحك المستبشر
وتجلَّت الدُّنيا على أبنائها ... تدعو بحيَّ على الفلاح الأكبر
/262 ب/ وغدا بها الإسلام يحمل رايةً ... سوداء راية منذر ومبشِّر
والدِّين لاح له دليل النَّصر من ... سيف الإمام القائم المستنصر
أعلى الأئمَّة من سلالة هاشمٍ ... قدرًا وأشرف محتدًا من عنصر
ورث الخلافة طاهرًا عن طاهرٍ ... إرثًا تنزَّه عن مقالة مفتري
ولحقِّه إرث اللِّواء وبرده ... وحسامه وقضيبه والمنبر
فإذا أردنا ذكر بعض صفاته ... يومًا قرأنا سورة المدَّثر
وإذا رأى الرَّاؤون نور جلاله ... لم يلق غير مهلِّل ومكبِّر
أعطى إلى أن قالت الدُّنيا قدٍ ... وحبا إلى أن قال سائله: اقصر
فنداه في الدُّنيا بأرزاق الورى ... جمعًا وفي الأخرى بنهر الكوثر
جمعت مكارمه الشّراف جميع أوصاف الخلائف مفخرًا عن مفخر
فبكلِّ وصف منه نعت خليفةٍ ... كالفعل شقَّ بيانه عن مصدر
فنواله السَّفَّاح والمنصور فالمنصور سيِّدنا الإمام الأنور
مهديُّ هذا العصر والهادي إلى الأمر الرَّشيد بنور هديٍ مبصر
وأمين أمَّة أحمد وإمامها ... حقًّا ومأمونٌ لها في المحشر
طوبى لمعتصم به من واثق ... من فضله بأواصرٍ لم تخفر
/263 أ/ كم مدقعٍ أضحى على إنعامه ... متوكِّلًا أمسى بمالٍ مكثر

الصفحة 389