كتاب قلائد الجمان في فرائد شعراء هذا الزمان (اسم الجزء: 1)

لم ير النَّازلون في ظلمة المعمور شمسًا يومًا ولا زمهريرا
ويبيح الطَّعام والمال كم عمَّ يتيمًا بزاده وأسيرا
قسم الدَّهر بين بأسٍ وبذلٍ ... فدعوناه سيِّدًا وحصورا
إذ توفَّى العفاة منه أجورًا ... يقذفون العفاة منه دحورا
وأنشدني أيضًا لنفسه ابتداء قصيدة: [من الطويل]
سل الخدَّ عن قتل الكئيب المتيَّم ... ليخبر عنه العندميُّ من الدَّم
وحاذر إذا حاولت رشف رضابه ... كميًا بكسر الجفن رام بأسهم
رنا فانتضى من جفنه كلَّ لهذمٍ ... وماس فأزرى بالوشيج المقوَّم
عجبت وقد أضحى يقوِّم قدَّه ... وفي فيه ثغرٌ درُّه لم يقوَّم
يقول وقد قبَّلته ورشفته ... أراك أبحت الخمر والخمر في فمي
/265 أ/ فقلت: طبخت الخمر حين لثمته ... بأنفاس وجدي فهو غير محرَّم
ولمَّا رأى بالتَّرك هتكي ورام أن ... يكتِّم منه بهجةً لم تكتَّم
تشبَّه بالأعراب عند التثامه ... بعارضه يا طيب لثم الملثَّم
فما زادني إلّا نحولًا ونمَّ بي ... إلى النًّاس عذرٌ بالعذار المنمنم
شكى خصره من ردفه فتراضيا ... لفضلهما بند القباء المكتَّم
وردَّ جيوش العاشقين لأنَّه ... أتاهم بخطِّ العارض المتحكِّم
وجسَّد ذاك النَّهد والرِّدف ثوبه ... فهل قدري يأتي بهتك المجسِّم
وقابلت دمع العين حمرة خدِّه ... فقال: أرى ثغري، فقلت: أرى دمي!
تملَّك رقِّي عندما تمَّ حسنه ... فشعري غدا في مالك ومتمَّم
يوهِّمني حفظ الوداد وعذره ... يكذِّب مأ يعتادني من توهُّم
فأضحي إلى جوريِّ خدَّيه عاذلًا ... وأمسي ومن ميل القدود تظلمُّني
وقد كنت جربت الهوى وعرفته ... فأصبح وجداني به مثل معدم
أعلِّل نفسي بالأماني تعلَّةً ... وأرجم شيطاني بغيبٍ مرجَّم
وما هوَّمت عيني سرورًا بنعسةٍ ... ولكن سرورًا بالخيال المسلِّم
أحبُّ مزار الطَّيف يخلو صنيعه ... من الإثم في تنغيصه والتَّندم
/265 ب/ وقال- وهو محبوس بقلعة كرخين-: [من مخلّع البسيط]

الصفحة 392