كتاب قلائد الجمان في فرائد شعراء هذا الزمان (اسم الجزء: 1)

كان من أهل الحديث الذين رحلوا في طلبه [إلى] البلاد، وكتب منه شيئًا كثيراً، وسمع المشايخ، ولقي العلماء. وكان شافعي المذهب؛ إلاَّ أنه كان يطعن على أبي الحسن علي بن إسماعيل الأشعري، ويقع فيه. له من أبي طاهر السلفي إجازة معيّنة في شهر ربيع الآخر سنة أربع وسبعين وخمسمائة.
وخبرت أنه دخل بلاد الهند، وسكن مدينة من أعمالها تدعى "نهر وألا"، وحصل لديها رزق واسع وثروة وافرة؛ وهو مقيم بها.
أنشدني الصاحب أبو البركات المستوفي، قال: أنشدني الماراني لنفسه:
[من البسيط]
حكمت يا دهر في أمري بإفراط ... وما عدلت إلى عدل وإقساط
إنِّي وقد طرحت أيدي النَّوى جنفًا ... جسمي بحمص وروحي ثغر دمياط
ومما كتبه إلى القاضي زين الدين ابن الأنصاري، وأنشدنيها الشيخ شمس الدين أبو الطاهر إسماعيل /24 أ/ ابن سودكين بحلب في شهر ربيع الأول سنة أربعين وستمائة، قال: وقد زاره ابن الأنصاري المذكور وولده عشية الجمعة ببستان كمال الدين؛ وتفضل ووعد أن يزوره فيه في الليالي المقمرة من كل شهر ويبيت فيها:
[من البسيط]

أفدي الَّذي زارني من غير موعدة ... فعادلي الرَّوح لمَّا زار والفرح
أكرم به مالكًا أهدى بزورته ... كلَّ السُّرور وزال الغمُّ والتَّرح
فلست أحصي الَّذي أسدى بزورته ... من الجميل وما زالت له المنح
لم أبلغ الفضل من إكرام حضرته ... بما يليق له فأهتاج بي كلح
لولا أعتمادي على علمي مودَّته ... لكنت من خجلي والله أفتضح
أتاحه الله في الإسعأد منزلة ... ينال منها الَّذي يبغى ويقترح
وكتب إلى المذكور يستنجزه ما وعده من الزيارة: [من الطويل]
أيا راكبًا يبغي منازل جيرتي ... ويمَّم في مسراه دار أحبَّتي
ألا حيِّ أهل الحسِّ عنِّي تفضُّلاً ... وعرِّفهم بالله يا سعد قصَّتي
/24 ب/ عساهم إذا أخبرتهم بقضيَّتي ... يغشونني منهم بعطف ورحمة

الصفحة 90