كتاب قلائد الجمان في فرائد شعراء هذا الزمان (اسم الجزء: 1)

رأيته شيخًا قصيراً نقي الشيبة، ضعيف العينين. كانت ولادته في أيام التشريق من سنة ست وأربعين وخمسمائة. وتوفي بها أول يوم من المحرم سنة اثنتين وعشرين وستمائة، ودفن غربها ظاهر البلدة بمقبرة المعافى بن عمران –رضي الله عنهما- إلى جانب الشيخ عمر بن محمد بن الخضر الملّاء الموصلي.
وكان واعظًا فقيهًا على مذهب الإمام أحمد بن حنبل –رضي الله عنه- وسمع الحديث الكثير على مشايخ دار السلام؛ كأبي محمد بن الخشاب النحوي، وأبي الفرج ابن الجوزي، وعبد المغيث بن زهير الحربي، وغيرهم من شيوخ الحديث. واشتغل بفن الوعظ وبرع فيه. /26 ب/ وكان يعظ الناس.
نزل الموصل وسكنها، واتصل بأبي القاسم علي ابن مهاجر الموصلي، وفوَّض إليه دار الحديث التي أنشأها بباب سكّة أبي نجيح، وانتفع بصحبته واشتهر اسمه. وكان يسمع الحديث بالدار المذكورة ويفتي على المذهب الأحمدي. وصنَّف مصنفات كثيرة، وله أشعار ساقطة.
شاهدته مراراً عدّة، وحضرت مجلس وعظه، ولم يتفق لي الرواية عنه.
أنشدني تلميذه محمد بن منصور بن دبيس الموصلي، قال: أنشدني أبو إسحاق ابن البرني لنفسيه: [من المجتث]
لا تشغلنك خلوب .... بذات فرع أثيث
عن التشاغل بالفقه واستماع الحديث
فالعلم خير قرين ... مستصرخ ومغيث

الصفحة 93