كتاب فيض الباري على صحيح البخاري (اسم الجزء: 1)

فَغَطَّنِى حَتَّى بَلَغَ مِنِّى الْجَهْدَ، ثُمَّ أَرْسَلَنِى فَقَالَ اقْرَأْ. قُلْتُ مَا أَنَا بِقَارِئٍ. فَأَخَذَنِى فَغَطَّنِى الثَّانِيَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّى الْجَهْدَ، ثُمَّ أَرْسَلَنِى فَقَالَ اقْرَأْ. فَقُلْتُ مَا أَنَا بِقَارِئٍ. فَأَخَذَنِى فَغَطَّنِى الثَّالِثَةَ، ثُمَّ أَرْسَلَنِى فَقَالَ (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِى خَلَقَ * خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ)». فَرَجَعَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَرْجُفُ فُؤَادُهُ، فَدَخَلَ عَلَى خَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ رضى الله عنها فَقَالَ «زَمِّلُونِى زَمِّلُونِى». فَزَمَّلُوهُ حَتَّى ذَهَبَ عَنْهُ الرَّوْعُ، فَقَالَ لِخَدِيجَةَ وَأَخْبَرَهَا الْخَبَرَ «لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِى». فَقَالَتْ خَدِيجَةُ كَلاَّ وَاللَّهِ مَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا، إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ، وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وَتَقْرِى الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ. فَانْطَلَقَتْ بِهِ خَدِيجَةُ حَتَّى أَتَتْ بِهِ وَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى ابْنَ عَمِّ خَدِيجَةَ - وَكَانَ امْرَأً تَنَصَّرَ فِى الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ يَكْتُبُ الْكِتَابَ الْعِبْرَانِىَّ، فَيَكْتُبُ مِنَ الإِنْجِيلِ بِالْعِبْرَانِيَّةِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكْتُبَ، وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ عَمِىَ - فَقَالَتْ لَهُ خَدِيجَةُ يَا ابْنَ عَمِّ اسْمَعْ مِنَ ابْنِ أَخِيكَ. فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ يَا ابْنَ أَخِى مَاذَا تَرَى فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَبَرَ مَا رَأَى. فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ هَذَا النَّامُوسُ الَّذِى نَزَّلَ اللَّهُ عَلَى مُوسَى - صلى الله عليه وسلم - يَا لَيْتَنِى فِيهَا جَذَعًا، لَيْتَنِى أَكُونُ حَيًّا إِذْ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَوَمُخْرِجِىَّ هُمْ». قَالَ نَعَمْ، لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بِمِثْلِ مَا جِئْتَ بِهِ إِلاَّ عُودِىَ، وَإِنْ يُدْرِكْنِى يَوْمُكَ أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا. ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ وَرَقَةُ أَنْ تُوُفِّىَ وَفَتَرَ الْوَحْىُ. أطرافه 3392، 4953، 4955، 4956، 4957، 6982 تحفة 16540، 16683، 16637، 16706 - 4/ 1
4 - قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَأَخْبَرَنِى أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِىَّ قَالَ - وَهُوَ يُحَدِّثُ عَنْ فَتْرَةِ الْوَحْىِ فَقَالَ - فِى حَدِيثِهِ «بَيْنَا أَنَا أَمْشِى إِذْ سَمِعْتُ صَوْتًا مِنَ السَّمَاءِ، فَرَفَعْتُ بَصَرِى فَإِذَا الْمَلَكُ الَّذِى جَاءَنِى بِحِرَاءٍ جَالِسٌ عَلَى كُرْسِىٍّ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، فَرُعِبْتُ مِنْهُ، فَرَجَعْتُ فَقُلْتُ زَمِّلُونِى. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى (يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِرْ) إِلَى قَوْلِهِ (وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ) فَحَمِىَ الْوَحْىُ وَتَتَابَعَ». تَابَعَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ وَأَبُو صَالِحٍ. وَتَابَعَهُ هِلاَلُ بْنُ رَدَّادٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ. وَقَالَ يُونُسُ وَمَعْمَرٌ «بَوَادِرُهُ». أطرافه 3238، 4922، 4923، 4924، 4925، 4926، 4954، 6214 تحفة 3152

الحديثُ الثَّالث
(الرؤيا) قد كنتُ حققتُ في سالفٍ من الزمان أن الرؤيا ليست بنومٍ ولا يقظة، بل هي حاله متوسطة بينهما، ولذا لا تزال تتسلسل ولا تنقطع إلا بالنوم الغَرِق أو اليقظة، ثم اطلعتُ بعد زمن طويل على «دائرة المعارف» لفريد وجدي، فرأيت فيها تحقيق أهل أوروبا الآن بعين ما كنت حققته سابقًا.

الصفحة 97