كتاب شرح ابن ناجي التنوخي على متن الرسالة (اسم الجزء: 1)

إما فقيه صرف كالشافعي وأبي حنيفة ليس لهما ذكر في الصحيحين وإما محدث صرف كأحمد وداود.
وقيل لأن أئتمته أخذوا عه بعد أخذه عنهم إلا القليل كابن شهاب فقيل أنه لم يأخذ عنه، وقيل لشدة اتباعه السف. وقد قال ليس لأحد رأي مع السنة وما استمر عليه عمل أئمة الهدى وقد أجمع أهل الفضل على فضل مالك رحمه الله تعالى، ولم يزل أئمة الدين المقتدى بهم المعول في التحقيق عليهم يختارون مذهبه ويرجحونه على غيره من المذاهب كله والحمد لله على تمهيده.
وذكر أبو محمد عبد الله بن سلامة أن القاضي أبا بكر لسان الأمة وسيد أهل السنة رضي الله عنه كان في مجلس إقرائه وبين يديه جمع وافر وكان يقرئ المذاهب الأربعة ويرجحها ثم يأخذ في الترجيح والاحتجاج لمذهب الإمام مالك رحمه الله فقال بعض أهل المجلس: ما وجهتموه رضي الله عنكم ليس بواضح، هذه حجة ضعيفة قال: فاصفر لونه وتغير وجهه وأطرق مليا ثم قال: يا هذا أتقول في إمام دار هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة ضعيفة وأين الأدب مع العلم وأهله اخرج من مجلسي واحذر أن تقع عيني عليك بعد هذا اليوم. فلم يقدر أن يسكن معه العراق وانتقل إلى القيروان واستوطنها ودرس فيها مذهب مالك وألف كتابا في مناقب الشيخ أبي بكر وصدره بمسألته هذه فجزاه الله خيرا عن تخلقه وتواضعه.
والمذهب والطريقة قيل هما بمنعى واحد وإنهما لفظان مترادفان وقيل مذهبه ما يفتي به وطريقته ما يفعله في خاصة نفسه فقد يحمل على نفسه أشياء لا يفتي بها غيره، وقيل مذهبه ما قاله وثبت عليه وطريقته ما قال ورجع عنه، والصواب أنه أراد بالمذهب قول مالك والطريقة قول أصحابه إذ طريقة أصحابه طريقته ولذلك تجد الشيخ كثيرا ما يذكر قول بعض أهل المذهب ويترك قول مالك وإلى هذا كان يذهب شيخنا أبو محمد عبد الله ابن الشيخ أبي محمد عبد الله الشبيبي وكان من عادته التكلم بالوعظ في أول ميعاده لكثرة من يحضر عنده من العوام، فتارة يعظ في تفسير كتاب الله عز وجل وهو الأعم والأغلب منحاله وتارة يعظ في تفسيره لمسلم وتارة فيهما وفي قراء العقيدة فقرئ عليه هذا المحل سنة فذكر ما قلناه. وقال: سأعرف بمالك وأصحابه فكان كل يوم يذكر رجلا ورجلين ويعظ على نحو ما يذكر من الحكايات المنقولة في الذي يعرف به إلى أن وصل إلى الشيخ أبي يوسف الدهماني وهو آخر من ذكر الشيخ

الصفحة 14