كتاب شرح ابن ناجي التنوخي على متن الرسالة (اسم الجزء: 1)
(ولا شبيه له إلى آخره):
أي لا شبيه له في ذاته ولا نظير له في صفاته، هكذا فسره بعض الشيوخ وتردد بعضهم في ذلك هل الأمر كما تقدم أو هما لفظان مترادفان، والولد لغة يقع على الذكر والأنثى والوالد يقع على الأب الأدنى والأعلى وهو الجد لكنه حقيقة في الأدنى مجاز في الأعلى.
(ليس لأوليته ابتداء ولا لآخريته انقضاء):
قال الفاكهاني: يريد أن الله تعالى يجب أن يكون قديما باقيا ويستحيل عدم ذلك عليه سبحانه وتعالى ولا تناقض في كلام المؤلف كما توهمه بعض الناس حيث قال أضاف الأولية والآخرية ثم نفاهما عنه كأنه قال له أولوية لا أولوية له، له آخرية لا آخرية له وليس كما توهم لما قيل إن الأول هو السابق للأشياء والآخر هو الباقي بعد فناء الخلق وليس معنى الآخر ما له انتهاء قاله الخطابي. واعلم أن كل ما له أول له آخر إلا الجنة والنار وينبغي أن يزاد على ذلك أهلهما والله أعلم.
(لا يبلغ كنه صفته الواصفون)
قصد الشيخ بقوله ليس لأوليته ابتداء وبقوله هنا لا يبلغ كنه إلخ إلى تفسير قوله تعالى (هو الأول والآخر والظاهر والباطن) [الحديد:3]
فمعنى قوله الظاهر بآياته الباطن عن أن تكيفه العقول والأوهام فلا يبلغ كنهه أي حقيقة صفته وصف واصف لأن كنه عظمه الله لا ينتهي إليها. قال بعض الشيوخ ويفهم من كلام المصنف أن مذهبه نفى العلم بالحقيقة واختاره جماعة من المتقدمين، وأطلق الشيخ أبو القاسم الجنيد رضي الله تعالى عنه القول بأنه لا يعرف الله إلا الله، واختاره أكثر المتأخرين وهو مذهب الأستاذ الضرير رحمه الله تعالى وكان من المحققين وأنكر الأستاذ أبو بكر هذا القول ورده وتبعه عليه الإمام أبو المعالي مع طائفة.
وقال الباري تعلى يعلم والعلم يتعلق بالمعلوم على ما هو به فلو تعلق العلم به على خلاف ما هو به لكان العلم جهلا، وقد اجتمعت الأمة على وجوب معرفة الله تعالى، ولو كانت مستحيلة لما اجتمعت عليه الأمة وقد قال صلى الله عليه وسلم "ومن عرف نفسه فقد عرف ربه" أي من عرف نفسه بالافتقار والذل والصغار ونفى عنها العز الاقتدار
الصفحة 21
424