كتاب شرح ابن ناجي التنوخي على متن الرسالة (اسم الجزء: 1)

ولا يذهب بذهابه عليه الصلاة والسلام.
قيل والأشياء المنتفع بها في الدنيا بالنسبة إلى الزيادة والنقصان عند الانتفاع بها ثلاثة أقسام؛ قسم إذا انتفع به زاد وهو العلم تعليما وعملا، وقسم إذا انتفع به نقص بل يذهب وهو المال؛ وقسم إذا انتفع به لا يزيد ولا ينقص وهو السراج ونحوه من الاقتباسات ولا يبعد أن يلحق بذلك النظر في المرآة والاستظلال بالجدران.
(وأنزل عليه كتابه وشرح به دينه القويم وهدى به الصراط المستقيم):
الكتاب هو القرآن، قال الله تعالى (وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما) [النساء:113]
ووصفه بالحكيم إما لأنه أحكمت آياته فلا يقع فيها نسخ بعد إحكامها أو لأنه أحكمت فيه علوم الأولين والآخرين أو لأنه أحكم على وجه لا يقع فيه اختلاف كما قال الله تعالى: (ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا) [النساء: 82]
فحكيم على هذا بمعنى محكم قال الشيخ أبو اسحاق: القرآن ستة آلاف آية وستمائة وست وستون والمتحدى به منه ثلاث آيات فهو ألفا معجزة ومائتان ونيف وجعله الله تعالى معجزة باقية إلى قيام الساعة بخلاف غيره من المعجزات فإنها تنقضي بانقضاء وقتها تشريفا منه لسيدنا ومولانا محمد صلى الله عليه وسلم ودليلا على مكانته وعلو منزلته ومعنى شرح وسع وأفهم والضمير في "به" يعود على النبي صلى الله عليه وسلم ويحتمل أن يعود على الكتاب الحكيم والأول أظهر لأنه لو أراد الكتاب لقال فشح بالفاء.
والدين لفظ مشترك والمراد به هنا الإسلام قال الله عز وجل: "إن الدين عند الله الإسلام" [آل عمران:19]
والقويم المستقيم وهدى أي أرشد والضمير في به مثل الذي قبله والصراط المراد به هنا طريق الجنة.
قال الله عز وجل: (وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله) [الأنعام: 153]
قال القاضي أبو بكر بن الطيب رضي الله عنه الصراط صراطان حسي ومعنوي فالمعنوي في الدنيا والحسي في القيامة فمن مشى على المعنوي هنا وفق للحسي يوم القيامة.
(وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من يموت كما بدأهم يعودون):
مما يجب الإيمان به أن الساعة آتية لا ريب فيها بلا امتراء والساعة هي القيامة

الصفحة 37