كتاب شرح ابن ناجي التنوخي على متن الرسالة (اسم الجزء: 1)
الكتاب
الحمد لله الذي ابتدأ الإنسان بنعمته:
الحمد لله ثمانية أحرف والجنة لها ثمانية أبواب فمن قال الحمد لله فتحت له أبواب الجنة الثمانية قاله ابن الخطيب. وابتدأ الشيخ بالحمد لأنه مفتتح كتاب الله الكريم فجعله فاتحة كلامه وأول ما جاء به القرآن في نظامه ولأنه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في كتبه ومواعظه وسنة الخلفاء الراشدين من بعده روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "كل أمر ذي بال لا يبتدأ فيه بالحمد لله فهو حرام" وفي رواية: "فهو أقطع" وفي رواية: "فهو أبتر" وبذلك تعقب الشيخ الفقيه أبو محرز على أسد بن الفرات لما بادر في قراءة عقد فقال: هذا ما اشترى الأمير الأجل.
فقال أبو محرز أخطأت يا أسد وبين له خطأه لما سأل عن ذلك بتركه الحمد لله حسبما هو مذكور في كتاب أبي بكر المالكي والمدارك لعياض ولولا الإطالة لذكرت القضية بكمالها وليس المراد بعين لفظ الحمد بل المطلوب إيقاع ذكر من الأذكار إذ المراد بحمدا لله الثناء على الله سبحانه.
وبذلك أجيب عن مالك بن أنس رحمه الله لكونه ابتدأ كتابه الموطأ بوقوت الصلاة فإنه ابتدأ ببسم الله الرحمن الرحيم وهو الجواب عن الشيخ أبي القاسم الزجاجي، ومن الشيخ أبي عمر وابن الحاجب وغيرهما.
واختلف هل الحمد أعم من الشكر أم لا على ثلاثة أقوال: فقيل بذلك لأن الشكر إنما يكون في مقابلة الإنعام وقيل عكسه لأن الشكر يكون بالقول والفعل بخلاف الحمد إنما يكون بالقول خاصة وقيل ليس بينهما عموم ولا خصوص فيستعمل كل واحد منهما في موضع الآخر، والمراد بالإنسان الجنس.
وقول من حمله على عيسى عليه السلام بعيد وأبعد من قول من حمله على آدم عليه السلام والباء في قوله بنعمته للمصاحبة أو السبية أي ابتدأه بسبب أن ينعم عليه والضمير المضاف إليه نعمة يعود على الخالق سبحانه ويجوز عوده على الإنسان لما كانت النعمة ملتبسة به ومصاحبة له.
وظاهر كلام الشيخ أن لله عز وجل على الكافر نعمة وهو كذلك عند أكثر العلماء في الدنيا والآخرة أما في الدنيا فواضح وأما في الآخرة فلأن ما من نعمة وعذاب إلا وثم ما هو أشد منهما إلا أنه لا يقال إنهم في نعمة لأنهم في محل الانتقام والغضب
الصفحة 6
424