كتاب قلادة النحر في وفيات أعيان الدهر (اسم الجزء: 1)

أسلم هو وعبيدة بن الحارث بن المطلب وعبد الرحمن بن عوف وأبو سلمة وأبو عبيدة بن الجراح-رضي الله عنهم-قديما في ساعة واحدة قبل دخول رسول الله صلّى الله عليه وسلم دار الأرقم، وهاجر عثمان إلى الحبشة، ثم رجع إلى مكة، وهاجر هو وأخواه قدامة وعبد الله بنو مظعون إلى المدينة، فنزلوا على عبد الله بن سلمة العجلاني، وآخى رسول الله صلّى الله عليه وسلم بين عثمان وبين أبي الهيثم بن التّيّهان الأنصاري، وحرم على نفسه الخمر في الجاهلية، وقال: لا أشرب شيئا يذهب عقلي، ويضحك مني من هو أدنى مني، وقال صلّى الله عليه وسلم: «إن عثمان بن مظعون يحيي سنتي».
وكان من أشد الناس اجتهادا في العبادة، يصوم النهار ويقوم الليل، ويضرب عن النساء، ويتجنب الشهوات.
شهد بدرا، وتوفي في شهر شعبان بعد سنتين ونصف من الهجرة؛ أي: قبل أحد بنحو شهرين، وهو أول من مات بالمدينة من المهاجرين، وأول من دفن بالبقيع، ورثته زوجته أم السائب-وقيل: أم العلاء الأنصارية، وقيل: أم خارجة بن زيد-بهذه الأبيات: [من البسيط]
يا عين جودي بدمع غير ممنون … على رزيّة عثمان بن مظعون
على امرئ بات في رضوان خالقه … طوبى له من فقيد الشخص مدفون
طاب البقيع له سكنى وغرقده … وأشرقت روضه من بعد تفتين (1)
وأورث القلب حزنا لا انقطاع له … حتى الممات فما يرقى له شوني (2)
وقالت أم العلاء: رأيت لعثمان بن مظعون عينا تجري، فجئت رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فأخبرته فقال: «ذلك عمله» (3)، كذا ذكره النووي في «التهذيب» (4).
وفاته في سنة ثلاث، وذكر اليافعي في «تاريخه» أنه توفي سنة اثنتين (5)، وكذا ذكر الكاشغري أنه توفي سنة اثنتين (6)، رضي الله عنه.
_________
(1) الفتين: الأرض الحرة السوداء.
(2) الشون: مجرى الدمع إلى العين، والأبيات في «الاستيعاب» (3/ 88)، و «أسد الغابة» (3/ 387).
(3) أخرجه البخاري (3929)، والنسائي في «الكبرى» (7587)، وأحمد (6/ 436).
(4) انظر «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 326).
(5) انظر «مرآة الجنان» (1/ 5).
(6) انظر «مختصر أسد الغابة» (خ/244/أ).

الصفحة 58