كتاب فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك (اسم الجزء: 1)

يَلْزَمُهُ أَنْ يَأْذَنَ لَهَا فِي ذَلِكَ وَذَلِكَ إنْ لَمْ تَعْلَمْ أَنَّ الْإِذْنَ لَهَا فِي ذَلِكَ يَلْزَمُهُ، فَإِنْ عَلِمَتْ ذَلِكَ فَتَجُوزُ عَلَيْهَا الْوَضِيعَةُ وَالرِّوَايَةُ بِذَلِكَ مَنْصُوصَةٌ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَلَوْ وَضَعَتْ عَنْهُ عَلَى أَنْ يَأْذَنَ لَهَا بِالْحَجِّ قَبْلَ وَقْتِ الْحَجِّ أَوْ فِي أَنْ تَحُجَّ تَطَوُّعًا سَقَطَ عَنْهُ الْمَهْرُ إذْ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَأْذَنَ لَهَا فِي ذَلِكَ فَكَذَلِكَ مَا أَعْطَاهَا عَلَى أَنْ تَرَكَتْ حَضَانَةَ وَلَدِهَا مِنْهُ يَجُوزُ لَهَا إذْ لَا يَلْزَمُهَا ذَلِكَ.
وَكَذَلِكَ الَّتِي بَذَلَتْ لِزَوْجِهَا مَالًا عَلَى أَنْ يُبِيحَ لَهَا صِيَامَ الْأَيَّامِ الَّتِي نَذَرَتْ إنْ كَانَتْ أَيَّامًا يَسِيرَةً لَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهَا مِنْ صِيَامِهَا إذْ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا شَيْئًا عَلَى أَنْ لَا يَمْنَعَهَا، وَإِنْ كَانَتْ أَيَّامًا كَثِيرَةً وَلِلزَّوْجِ أَنْ يَمْنَعَهَا مِنْ صِيَامِهَا لِمَا عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ مِنْ الضَّرَرِ جَازَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا مَا أَعْطَتْهُ عَلَى أَنْ لَا يَمْنَعَهَا عَلَى قِيَاسِ مَسْأَلَةِ الْحَجِّ وَيَجُوزُ أَنْ تَتْرُكَ الْحَضَانَةَ عَلَى ثَمَرَةٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْغَرَرِ إذَا لَيْسَ بِمُبَايَعَةٍ، وَإِنَّمَا هُوَ صُلْحٌ فِي غَيْرِ مَالٍ فَيُشْبِهُ الْخُلْعَ اهـ.
قُلْت: وَمَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ ظَاهِرٌ وَيَشْهَدُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلزَّوْجِ أَنْ يُخَالِعَهَا عَلَى أَنْ تُسْقِطَ حَضَانَتَهَا وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ ذَلِكَ إذَا سَقَطَتْ الْحَضَانَةُ بَعْدَ وُجُوبِهَا لَهَا، وَأَمَّا إنْ أَسْقَطَتْ الْحَاضِنَةُ حَقَّهَا مِنْ الْحَضَانَةِ قَبْلَ وُجُوبِهَا فَفِي ذَلِكَ خِلَافٌ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ مِنْ الْخَاتِمَةِ.
(تَنْبِيهٌ) مَا ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ مِنْ جَوَازِ الْغَرَرِ فِي ذَلِكَ ظَاهِرٌ وَيُقَاسُ عَلَيْهِ مَا أَشْبَهَهُ وَمِثْلُ مَسْأَلَةِ إذْنِ الزَّوْجِ لِزَوْجَتِهِ فِي حَجِّ التَّطَوُّعِ وَالصَّوْمِ إعْطَاءُ الزَّوْجَةِ شَيْئًا لِزَوْجِهَا عَلَى أَنْ يُمْسِكَهَا وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنْ مَسَائِلِ هَذَا النَّوْعِ.

(فَرْعٌ) وَعَكْسُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إذَا سَقَطَتْ حَضَانَةُ الْحَاضِنَةِ، أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ وَجَبَ لِلْأَبِ أَخْذُ الْوَلَدِ مِنْهَا فَأَرَادَتْ إبْقَاءَهُ عِنْدَهَا عَلَى أَنْ تَلْتَزِمَ نَفَقَتَهُ، فَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ فِي الْكَلَامِ عَلَى مَسْأَلَةِ الْخُلْعِ عَلَى الْتِزَامِ الْأُمِّ النَّفَقَةَ عَنْ الْمُتَيْطِيَّةِ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَلْزَمُ. قَالَ الْبُرْزُلِيُّ فِي أَوَاخِرِ مَسَائِلِ الْأَنْكِحَةِ قَالَ الرَّمَّاحُ إذَا الْتَزَمَتْ الْأُمُّ نَفَقَةَ الْبَنَاتِ عَلَى أَنْ لَا يُنْزَعْنَ مِنْهَا، وَإِنْ تَزَوَّجَتْ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ، وَعَلَى أَنْ يَكُونَ الْأَمْرُ إلَيْهَا فِي تَزْوِيجِهِنَّ وَيَكُونُ الْعَاقِدُ غَيْرَهَا فَيَجُوزُ قَالَ الْبُرْزُلِيُّ. قُلْت فِي الْأَوَّلِ نَظَرٌ عَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِ الْخُلْعِ بِالْغَرَرِ، وَأَنَّ النَّفَقَةَ تَلْزَمُ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ، وَعَلَى الْجَوَازِ عَمَلُ النَّاسِ الْيَوْمَ فِي شَرْطِهَا، وَإِنْ تَزَوَّجْت وَبُدِّلَتْ الْأَزْوَاجُ مُسَافِرَةً كَانَتْ، أَوْ حَاضِرَةً، وَأَمَّا عَلَى أَنْ تُزَوِّجَهُنَّ بِنَفْسِهَا فَفَاسِدٌ وَبِغَيْرِهَا فَقَالَ يَجُوزُ وَهَلْ

الصفحة 279