كتاب فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك (اسم الجزء: 1)

[الْبَابُ الرَّابِعُ الْمُعَلَّقُ عَلَى غَيْرِ فِعْلِ الْمُلْتَزِمِ وَالْمُلْتَزَمِ لَهُ]
ُ وَحُكْمُهُ حُكْمُ الِالْتِزَامِ الْمُطْلَقِ فَيُقْضَى بِهِ إذَا وُجِدَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ إنْ كَانَ الْمُلْتَزَمُ لَهُ مُعَيَّنًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُعَيَّنًا فَلَا يُقْضَى بِهِ وَفُرُوعُهُ كَثِيرَةٌ أَكْثَرُ مَسَائِلِهِ مِنْ بَابِ النَّذْرِ الْمُعَلَّقِ وَبَابِ الضَّمَانِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْبَابِ الثَّانِي فِي كَلَامِ أَبِي الْحَسَنِ أَنَّ نَحْوَ إنْ شَفَانِي اللَّهُ مِنْ مَرَضِي فَلَكَ أَلْفُ دِرْهَمٍ يَقْضِي بِذَلِكَ عَلَى قَائِلِهِ وَقَالَ فِي كِتَابِ الْكَفَالَةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: وَمَنْ قَالَ لِرَجُلٍ إنْ لَمْ يُوفِك فُلَانٌ حَقَّك فَهُوَ عَلَيَّ، وَلَمْ يَضْرِبْ لِذَلِكَ أَجَلًا تَلَوَّمَهُ لِذَلِكَ السُّلْطَانُ بِقَدْرِ مَا يَرَى ثُمَّ أَلْزَمَهُ الْمَالَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْغَرِيمُ حَاضِرًا مَلِيًّا، وَإِنْ قَالَ إنْ لَمْ يُوَفِّك حَقَّك حَتَّى يَمُوتَ فَهُوَ عَلَيَّ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْكَفِيلِ حَتَّى يَمُوتَ الْغَرِيمُ؛ لِأَنَّهُ أَجَلٌ ضَرَبَهُ لِنَفْسِهِ وَقَالَ قَبْلَهُ: وَمَنْ تَكَفَّلَ لِرَجُلٍ بِمَا أَدْرَكَهُ مِنْ دَرْكٍ فِي جَارِيَةٍ ابْتَاعَهَا مِنْ رَجُلٍ، أَوْ دَارٍ، أَوْ غَيْرِهَا جَازَ ذَلِكَ وَلَزِمَهُ الثَّمَنُ حِينَ الدَّرْكِ فِي غَيْبَةِ الْبَائِعِ، أَوْ عَدَمِهِ.
قُلْت: وَمِثْلُ هَذَا مَا يُكْتَبُ الْيَوْمَ فِي مُسْتَنَدَاتِ الْبَيْعِ وَالْتَزَمَ فُلَانٌ لِفُلَانٍ أَنَّهُ إنْ قَامَ عَلَيْهِ قَائِمٌ فِي هَذَا الْبَيْعِ فَعَلَيْهِ نَظِيرُ مَا يَغْرَمُهُ فُلَانٌ وَنَحْوُ ذَلِكَ.

[فَرْعٌ قَالَ الشَّخْصُ إذَا جَاءَ الْوَقْتُ الْفُلَانِيُّ فَلَكَ عِنْدِي كَذَا وَكَذَا]
(فَرْعٌ) مِنْ ذَلِكَ إذَا قَالَ الشَّخْصُ إذَا جَاءَ الْوَقْتُ الْفُلَانِيُّ فَلَكَ عِنْدِي كَذَا وَكَذَا، فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ إذَا جَاءَ الْوَقْتُ، وَهُوَ صَحِيحٌ غَيْرُ مُفْلِسٍ. قَالَ فِي رَسْمِ يُدَبِّرُ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ الْهِبَاتِ فِي رَجُلٍ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: خَمْسُونَ دِينَارًا صَدَقَةٌ عَلَيْك إلَى عَشْرِ سِنِينَ إلَّا أَنْ تَمُوتِي قَبْلَ ذَلِكَ فَلَا شَيْءَ لَك وَذَلِكَ لِوَلَدِي.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ هُوَ عَلَى مَا قَالَ إنْ بَقِيَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى عَشْرِ سِنِينَ أَخَذَتْهَا إنْ كَانَ الزَّوْجُ صَحِيحًا، وَإِنْ مَاتَتْ قَبْلَ ذَلِكَ فَلَا شَيْءَ لِوَرَثَتِهَا وَهِيَ لِلْوَلَدِ إذَا جَاءَتْ الْعَشْرُ سِنِينَ، وَهُوَ حَيٌّ صَحِيحٌ، وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْعَشْرِ فَلَا شَيْءَ لِلْمَرْأَةِ وَلَا لِلْوَلَدِ، وَإِنْ أَتَتْ الْعَشَرَةُ، وَهُوَ مَرِيضٌ وَالْمَرْأَةُ بَاقِيَةٌ ثُمَّ مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ فَلَا شَيْءَ لَهَا فِي ثُلُثٍ وَلَا رَأْسِ مَالٍ. قَالَ ابْنُ رُشْدٍ هَذِهِ مَسْأَلَةٌ بَيِّنَةٌ لَا إشْكَالَ فِيهَا؛ لِأَنَّهَا صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ بِهَا فِي حَالِ صِحَّتِهِ أَوْجَبَهَا عَلَى نَفْسِهِ لِامْرَأَتِهِ فِي ذِمَّتِهِ إنْ بَقِيَتْ إلَى عَشْرِ سِنِينَ، أَوْ وَلَدِهِ إنْ مَاتَتْ قَبْلَ الْعَشْرِ سِنِينَ، فَإِنْ أَتَتْ الْعَشْرُ سِنِينَ، وَهُوَ حَيٌّ صَحِيحٌ وَجَبَتْ الْخَمْسُونَ لَهَا كَانَتْ مَرِيضَةً أَوْ صَحِيحَةً

الصفحة 302