كتاب فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك (اسم الجزء: 1)

أَوْ بِطَلَاقِ مَا يَتَزَوَّجُ فِيهِ اهـ.
وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي الْمُوَطَّإِ وَالْعُتْبِيَّةِ قَالَ مَالِكٌ إنْ أَذِنَ الْوَرَثَةُ لِلصَّحِيحِ بِأَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ لَمْ يَلْزَمْهُمْ ذَلِكَ إنْ مَاتَ؛ لِأَنَّهُمْ فِي وَقْتٍ لَا مَنْعَ لَهُمْ. أَبُو عُمَرَ هَذَا مَشْهُورُ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَعَنْهُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُمْ.
ابْنُ زَرْقُونٍ فِي الْمَوَّازِيَّةِ مَنْ قَالَ مَا أَرِثُ مِنْ فُلَانٍ صَدَقَةٌ عَلَيْك وَفُلَانٌ صَحِيحٌ لَزِمَهُ ذَلِكَ إنْ كَانَ فِي غَيْرِ يَمِينٍ، فَهَذَا مِثْلُ ذَلِكَ.
قُلْت: زَادَ اللَّخْمِيُّ وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ، وَهَذَا أَقْيَسُ كَمَنْ أَوْجَبَ الصَّدَقَةَ بِمَا يَمْلِكُ إلَى أَجَلٍ، أَوْ فِي بَلَدٍ سَمَّاهُ، أَوْ بِعِتْقِ ذَلِكَ، أَوْ بِطَلَاقِ مَنْ يَتَزَوَّجُ فِيهِ اهـ.
وَمَا حَكَاهُ الشَّيْخُ خَلِيلٌ وَابْنُ عَرَفَةَ مِنْ الْخِلَافِ فِي هَذَا الْوَجْهِ تَبَعًا لِأَبِي عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْبَرِّ مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَ الْبَاجِيُّ فِي الْمُنْتَقَى: فَإِنَّهُ قَالَ إنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ لِغَيْرِ سَبَبٍ فَلَا خِلَافَ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ ذَلِكَ الْمُجِيزَ مِنْ الْوَرَثَةِ وَلَهُ الرُّجُوعُ؛ لِأَنَّهُ حَالٌ لَمْ تَتَعَلَّقْ فِيهِ حُقُوقُهُمْ بِالتَّرِكَةِ اهـ. وَصَرَّحَ الرَّجْرَاجِيُّ أَيْضًا بِنَفْيِ الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ فِي آخِرِ شَرْحِ الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ رَسْمِ الْجَوَابِ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ الْهِبَاتِ وَلَا يَلْزَمُ الْوَارِثَ عَلَى كُلِّ حَالٍ مَا أَذِنَ لِمُوَرِّثِهِ فِيهِ فِي صِحَّتِهِ مِنْ الْوَصِيَّةِ لِبَعْضِ وَرَثَتِهِ، أَوْ بِأَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِهِ، وَلَمْ يَحْكِ ابْنُ يُونُسَ وَأَبُو الْحَسَنِ فِي ذَلِكَ خِلَافًا.
وَلَفْظُ ابْنِ يُونُسَ وَمِنْ الْعُتْبِيَّةِ وَالْمَجْمُوعَةِ وَالْمُوَطَّإِ قَالَ مَالِكٌ إذَا أَذِنَ الْوَرَثَةُ لِلصَّحِيحِ أَنْ يُوصِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِهِ لَمْ يَلْزَمْهُمْ ذَلِكَ إنْ مَاتَ؛ لِأَنَّهُمْ أَذِنُوا لَهُ فِي وَقْتٍ لَا مَنْعَ لَهُمْ وَظَاهِرُ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ أَنَّ الْقَوْلَ الثَّانِي مُخَرَّجٌ مِنْ مَسْأَلَةِ الْمَوَّازِيَّةِ وَنَصُّهُ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ إنْ أَذِنَ الْوَرَثَةُ لِلصَّحِيحِ أَنْ يُوصِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِهِ لَمْ يَلْزَمْهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ أَذِنُوا فِي وَقْتٍ لَا مَنْعَ لَهُمْ.
وَفِي كِتَابِ الصَّدَقَاتِ مِنْ كِتَابِ مُحَمَّدٍ فِيمَنْ قَالَ مَا أَرِثُ مِنْ فُلَانٍ صَدَقَةٌ عَلَيْك وَفُلَانٌ صَحِيحٌ قَالَ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ إذَا كَانَ فِي غَيْرِ يَمِينٍ وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ، وَهَذَا أَقْيَسُ؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ ذَلِكَ بِشَرْطِ الْمِلْكِ فَأَشْبَهَ مَنْ أَوْجَبَ الصَّدَقَةَ بِمَا يَمْلِكُ إلَى أَجَلٍ، أَوْ فِي بَلَدٍ سَمَّاهُ، أَوْ بِعِتْقِ ذَلِكَ، أَوْ بِطَلَاقِ مَنْ يَتَزَوَّجُ فِيهِ اهـ.
قُلْت: كَلَامُ اللَّخْمِيِّ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ خَرَّجَ الْقَوْلَ بِاللُّزُومِ مِنْ مَسْأَلَةِ الْمَوَّازِيَّةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَتَخَرَّجُ؛ لِأَنَّ الْوَارِثَ فِي مَسْأَلَةِ الْإِجَازَةِ لَمْ يَهَبْ شَيْئًا، وَإِنَّمَا أَجَازَ فِعْلَ شَخْصٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى رَدِّ فِعْلِهِ الْآنَ كَمَا قَالَ فِي الْمُوَطَّإِ: إنَّ الشَّخْصَ إذَا كَانَ صَحِيحًا كَانَ أَحَقَّ بِجَمِيعِ مَالِهِ يَصْنَعُ بِهِ مَا يَشَاءُ.
وَفِي مَسْأَلَةِ الْمَوَّازِيَّةِ الْوَارِثُ وَهَبَ نَصِيبَهُ، وَهُوَ مَا يَرِثُهُ إذَا دَخَلَ فِي مِلْكِهِ وَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى مُسْتَوْفًى.
فَإِذَا أَجَازَ الْوَرَثَةُ الْوَصِيَّةَ فِي الصِّحَّةِ بِسَبَبٍ كَالسَّفَرِ وَالْغَزْوِ فَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ أَنَّ ذَلِكَ يَلْزَمُهُمْ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ كُنْت أَقُولُ بِهَذَا ثُمَّ رَجَعْت إلَى أَنَّ ذَلِكَ لَا يَلْزَمْهُمْ وَقَالَهُ مُحَمَّدٌ وَأَصْبَغُ، وَهُوَ الصَّوَابُ اهـ.
قُلْت: وَالْمَسْأَلَةُ فِي رَسْمِ نَذَرَ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الْوَصَايَا وَاقْتَصَرَ الشَّيْخُ خَلِيلٌ فِي مُخْتَصَرِهِ عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ اللُّزُومِ

الصفحة 308