كتاب فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك (اسم الجزء: 1)

بِالْعَجْزِ اهـ.
وَقَالَ الْبُرْزُلِيُّ قِيلَ: إنَّ مَالِكًا رَمَى عَبْدَ الْمَلِكِ بِدَارِ قُدَامَةَ؛ لِأَنَّهُ نَسَبَهُ لِلصِّغَرِ وَاللَّعِبِ. وَقِيلَ: نَسَبَهُ لِلْبَلَهِ؛ لِأَنَّهَا مَعْرُوفَةٌ بَيِّنَةٌ اهـ.
ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا فَذَكَرَ مَا تَقْرِيرُهُ تَخْيِيرُ الْعِتْقِ مُوجِبٌ لَهُ شَرْعًا، فَلَوْ لَزِمَ سَابِقُ قَوْلِهَا عَلَى الْعِتْقِ بَطَلَ التَّخْيِيرُ بِهِ ضَرُورَةَ مُنَاقِضَةِ التَّخْيِيرِ وَاللُّزُومِ وَكُلَّمَا بَطَلَ التَّخْيِيرُ بَطَلَ مَا أَوْجَبَهُ الشَّرْعُ، فَلَوْ لَزِمَ سَابِقُ قَوْلِهَا بَطَلَ مَا أَوْجَبَهُ الشَّرْعُ وَاللَّازِمُ بَاطِلٌ قَطْعًا وَاخْتِيَارُ ذَاتِ الشَّرْطِ قَبْلَ حُصُولِهِ لَمَّا لَمْ يَكُنْ مَلْزُومًا لِإِبْطَالِ مَا أَوْجَبَهُ الشَّرْعُ لَزِمَ؛ لِأَنَّهُ الْتِزَامٌ عَلَى تَقْدِيرِ وُقُوعِ أَمْرٍ قَبْلَ وُقُوعِهِ، وَلَوْ الْتَزَمَ بَعْدَهُ لَزِمَهُ فَكَذَلِكَ قَبْلَهُ كَقَوْلِ الزَّوْجِ امْرَأَتُهُ طَالِقٌ إنْ كَانَ كَذَا.
ثُمَّ اسْتَشْهَدَ عَلَى لَغْوِ الْتِزَامِ الْأَمَةِ تُعْتَقُ بِقَوْلِهِ: أَلَا تَرَى لَوْ أَنَّ غَنِيًّا قَالَ إنْ افْتَقَرْت فَلَا آخُذُ الزَّكَاةَ الَّتِي أَبَاحَ اللَّهُ لِلْفُقَرَاءِ، أَوْ إنْ افْتَقَرْت فَأَنَا آخُذُ ثُمَّ افْتَقَرَ لَمْ يُحَرَّمْ أَخْذُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ خَيَّرَهُ فِيهِمَا.
قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ قُلْت فِيمَا فَرَّقَ بِهِ نَظَرٌ مِنْ وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ لَغْوُ الطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ عَلَى الْعِصْمَةِ قَبْلَ حُصُولِهَا كَقَوْلِهِ إنْ تَزَوَّجْت فُلَانَةَ فَهِيَ عَلَى حَرَامٌ بَيَانُ الْمُلَازَمَةِ أَنَّ الشَّرْعَ جَعَلَ النِّكَاحَ سَبَبَ حِلِّيَّةِ الزَّوْجَةِ لِزَوْجِهَا فَإِلْزَامُهُ تَحْرِيمَهَا قَبْلَهُ مُنَاقِضٌ لِمُوجَبِ النِّكَاحِ الْوَاجِبِ بِالشَّرْعِ.
الثَّانِي: مَنْعُ مُنَاقَضَةِ إلْزَامِهَا مَا الْتَزَمَتْ لِمَا أَوْجَبَهُ الشَّرْعُ مِنْ خِيَارِهَا وَسَنَدُهُ أَنَّ اللُّزُومَ اللَّاحِقَ لَا يُنَاقِضُ التَّخْيِيرَ الْأَصْلِيَّ كَعَدَمِ مُنَاقَضَةِ الْوُجُوبِ الْعَارِضِ الْإِمْكَانَ الذَّاتِيَّ.
وَاسْتِشْهَادُهُ بِقَوْلِهِ لَوْ أَنَّ غَنِيًّا إلَخْ يُرَدُّ بِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْتِزَامِ مَا يَلْزَمُهُ غَيْرُ مُعَلَّقٍ إنْ الْتَزَمَ مُعَلَّقًا وَمَا جَاءَ بِهِ لَا يَلْزَمُ غَيْرَ مُعَلَّقٍ بِحَالٍ، وَمَنْ أَنْصَفَ عَلِمَ أَنَّ سُؤَالَ ابْنِ الْمَاجِشُونِ لَيْسَ عَنْ أَمْرٍ جَلِيٍّ وَلِذَلِكَ سَوَّى بَيْنَهُمَا مَالِكٌ مَرَّةً وَبَعْضُ أَصْحَابِهِ ثُمَّ قَالَ وَفَرَّقَ الصَّقَلِّيُّ أَيْضًا بِأَنَّ خِيَارَ الْأَمَةِ إنَّمَا يَجِبُ لِعِتْقِهَا فَاخْتِيَارُهَا قَبْلَهُ سَاقِطٌ كَالشُّفْعَةِ وَإِسْقَاطُهَا قَبْلَ الشِّرَاءِ وَالْمُمَلَّكَةُ جَعَلَ لَهَا الزَّوْجُ مَا كَانَ لَهُ إيقَاعُهُ وَلَهُ إيقَاعُهُ مُعَلَّقًا عَلَى أَمْرٍ فَكَذَا الزَّوْجَةُ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ يُنْتِجُ هَذَا اللُّزُومُ مَا أَوْقَعَتْهُ مِنْ طَلَاقٍ لَا مَا أَوْقَعَتْهُ مِنْ اخْتِيَارِ زَوْجِهَا فَتَأَمَّلْهُ. وَقَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ لِحُرٍّ يَقَعُ بِيَاءٍ بَعْدَ الرَّاءِ وَدُونَهَا وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ اهـ.
وَاقْتَصَرَ الشَّيْخُ خَلِيلٌ فِي التَّوْضِيحِ عَلَى الْفَرْقِ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ يُونُسَ فَقَالَ فِي آخِرِ بَابِ الرَّجْعَةِ عَنْ ابْنِ يُونُسَ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا عِنْدِي أَنَّ الْأَمَةَ إنَّمَا يَجِبُ لَهَا أَنْ تَخْتَارَ إذَا عَتَقَتْ وَالْعِتْقُ لَمْ يَحْصُلْ بَعْدُ، فَقَدْ سَلَّمَتْ أَوْ أَوْجَبَتْ شَيْئًا قَبْلَ وُجُوبِهِ لَهَا فَلَمْ يَجِبْ كَتَارِكِ الشُّفْعَةِ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْجِبَهَا وَالْحُرَّةُ قَدْ أَوْجَبَ لَهَا الزَّوْجُ الشَّرْطَ إنْ فَعَلَ وَمَلَّكَهَا مِنْهُ مَا كَانَ لَهُ أَنْ يَلْزَمَهُ نَفْسَهُ قَبْلَ أَنْ يَفْعَلَهُ اهـ. وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ الْبُرْزُلِيُّ وَقَالَ بَعْدَهُ فَكَأَنَّهُ قَالَ هَذَا جَرَى سَبَبُ وُجُوبِهِ، وَإِنْ لَمْ يَجِبْ وَالْأَمَةُ لَمْ يَجِبْ وَلَا جَرَى سَبَبُ وُجُوبِهِ فَهُوَ أَبْعَدُ اهـ.
وَذُكِرَ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الْفَرْقِ بَيْنَ قَوْلِ الرَّجُلِ إنْ تَزَوَّجْت فُلَانَةَ فَهِيَ طَالِقٌ

الصفحة 321