كتاب فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك (اسم الجزء: 1)

لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ كَشَرْطِهِ عَلَى الْمَرْأَةِ أَنْ لَا يَقْسِمَ لَهَا، أَوْ وَأَنْ يُؤْثِرَ عَلَيْهَا، أَوْ أَنْ لَا يُنْفِقَ عَلَيْهَا، أَوْ لَا يَكْسُوَهَا، أَوْ لَا يُعْطِيَهَا وَلَدَهَا، أَوْ لَا يَأْتِيَهَا إلَّا لَيْلًا، أَوْ لَا يَطَأَهَا نَهَارًا، أَوْ أَنْ لَا إرْثَ بَيْنَهُمَا، أَوْ عَلَى أَنَّ حَدَّ الزَّوْجَيْنِ بِالْخِيَارِ، أَوْ عَلَى أَنَّ الْخِيَارَ لِغَيْرِهِمَا، أَوْ عَلَى إنْ لَمْ يَأْتِ بِالصَّدَاقِ لِكَذَا فَلَا نِكَاحَ بَيْنَهُمَا، أَوْ عَلَى أَنَّ أَمْرَهَا بِيَدِهَا مَتَى شَاءَتْ، أَوْ عَلَى أَنَّ الطَّلَاقَ بِيَدِ غَيْرِ الزَّوْجِ، فَهَذَا الْقِسْمُ لَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُهُ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ وَيَفْسُدُ بِهِ النِّكَاحُ إنْ شُرِطَ فِيهِ.
ثُمَّ اُخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ، فَقِيلَ: يُفْسَخُ النِّكَاحُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ. وَقِيلَ: يُفْسَخُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ وَيَسْقُطُ الشَّرْطُ، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ. وَقِيلَ: إنْ أَسْقَطَ مُشْتَرِطُ الشَّرْطِ شَرْطَهُ صَحَّ النِّكَاحُ، وَإِنْ تَمَسَّكَ بِهِ فُسِخَ.

(تَنْبِيهٌ) : مِنْ هَذَا الْقِسْمِ مَا يَقْتَضِي الْفَسْخَ مُطْلَقًا قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ قَالَ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ الثَّانِي مِنْ الْمُدَوَّنَةِ مَنْ زَوَّجَ أَمَتَهُ وَشَرَطَ أَنَّ مَا وَلَدَتْ فَهُوَ حُرٌّ لَمْ يُقَرَّ هَذَا النِّكَاحُ وَيَكُونُ لَهَا إنْ دَخَلَ بِهَا الْمُسَمَّى. قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ. وَقِيلَ: لَهَا صَدَاقُ الْمِثْلِ، وَهُوَ أَبْيَنُ؛ لِأَنَّ الصَّدَاقَ وَقَعَ لِلْبُضْعِ وَلِحُرِّيَّةِ الْوَلَدِ وَمَا يَخُصُّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ ذَلِكَ مَجْهُولٌ فَوَجَبَ لِذَلِكَ صَدَاقُ الْمِثْلِ. قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَوَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ إنَّمَا وَقَعَ لِلْبُضْعِ الْمُتَيَقَّنِ وَالْوَلَدُ قَدْ يَكُونُ، وَقَدْ لَا يَكُونُ.
قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ: إنَّ نِكَاحَهَا يُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ سَوَاءٌ زَوَّجَهَا مِنْ حُرٍّ، أَوْ مِنْ عَبْدٍ لَهُ، أَوْ لِغَيْرِهِ وَيَكُونُ الْوَلَدُ حُرًّا وَوَلَاؤُهُ لِسَيِّدِ الْأَمَةِ الَّذِي أَعْتَقَهُ اهـ.
وَنَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ الْمَسْأَلَةَ بِلَفْظٍ وَفِي ثَانِي نِكَاحِهَا مَنْ زَوَّجَ أَمَتَهُ عَلَى أَنَّ مَا وَلَدَتْهُ حُرٌّ لَا يُقَرُّ نِكَاحُهُ بِحَالٍ، وَلَوْ دَخَلَ وَلَهَا الْمُسَمَّى. ثُمَّ قَالَ وَقَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ: لَمْ يُنَصَّ عَلَى فَسْخِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَبْلَ الْبِنَاءِ إنَّمَا قَالَ فِيهَا لَا يُقَرُّ هَذَا النِّكَاحُ بِرَدٍّ لِسَابِقِ نَصِّهَا وَلَعَلَّهُ اغْتَرَّ بِلَفْظِ أَبِي سَعِيدٍ الْمُنْتَقَدِ بِتَرْكِ أَمْرٍ مُهِمٍّ. وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ لَا خِلَافَ فِي فَسْخِهِ أَبَدًا إلَّا أَنْ يَدْخُلَهُ الْخِلَافُ اهـ.
قُلْت: يَعْنِي الْخِلَافَ، يَدْخُلُهُ تَخْرِيجًا مِنْ الْخِلَافِ الْمُقْتَرِنِ بِشَرْطٍ لَا يُخِلُّ وَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ هُوَ نَصُّ الْأُمِّ قَبْلَ تَرْجَمَةِ نِكَاحِ التَّفْوِيضِ، وَهَذَا الْمَوْضِعُ لَمْ يُنَبِّهْ عَلَيْهِ عَبْدُ الْحَقِّ فِي التَّعْقِيبِ عَلَى التَّهْذِيبِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(فَرْعٌ) وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَاللَّخْمِيُّ رَوَى مُحَمَّدٌ مَنْ زَوَّجَ أَمَتَهُ عَلَى أَنَّ وَلَدَهَا أَحْرَارٌ فُسِخَ نِكَاحُهُ، وَلَوْ بَنَى، وَوَلَدُهُ أَحْرَارٌ وَوَلَاؤُهُمْ لِسَيِّدِهِمْ وَلَا قِيمَةَ عَلَى أَبِيهِمْ فِيهِمْ. مُحَمَّدٌ إنْ بَاعَهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَهِيَ غَيْرُ حَامِلٍ فَوَلَدُهَا رَقِيقٌ، وَكَذَلِكَ إنْ لَمْ يَبِعْهَا وَفَسَخَ الشَّرْطَ، أَوْ تَفَاسَخَاهُ، أَوْ رَجَعَ إلَيْهِ قَبْلَ حَمْلِهَا؛ لِأَنَّهُ رِضًا بِفَاسِدٍ رُدَّ قَبْلَ وُقُوعِهِ اهـ.
قُلْت: ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ هَذَا جَمِيعَهُ لِمُحَمَّدٍ وَاَلَّذِي نَقَلَهُ اللَّخْمِيُّ عَنْ مُحَمَّدٍ إنَّمَا هُوَ قَوْلُهُ إنْ بَاعَهَا السَّيِّدُ بَعْدَ ذَلِكَ وَهِيَ غَيْرُ حَامِلٍ كَانَ مَا وَلَدَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي رَقِيقًا

الصفحة 333