كتاب فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك (اسم الجزء: 1)

وَنَفَقَتُهُ مَعْلُومَةٌ يَسْتَوْفِيهَا كَانَتْ الْأَمَةُ أَوْ الدَّابَّةُ بَاقِيَةً، أَوْ لَمْ تَكُنْ، فَبَعْضُ ثَمَنِ نِصْفِهَا نَفَقَتُهَا الْمَعْلُومَةُ مِنْ الِاشْتِرَاطِ لِانْقِضَاءِ السَّنَةِ.
وَحَمَلَ سَحْنُونٌ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ إنْ مَاتَتْ الْأَمَةُ، أَوْ الدَّابَّةُ يَأْخُذُ مَا بَقِيَ مِنْ النَّفَقَةِ حَالًّا، أَوْ قِيمَةَ ذَلِكَ فَأَنْكَرَ جَوَازَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْغَرَرِ، وَعَلَى هَذَا لَوْ وَقَعَ الْأَمْرُ عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ بِنَصٍّ لَا احْتِمَالَ فِيهِ لَارْتَفَعَ الْخِلَافُ، وَلَوْ بَاعَ نِصْفَ الْأَمَةِ أَوْ نِصْفَ الدَّابَّةِ بِشَرْطِ أَنَّ نَفَقَتَهَا عَلَى الْمُشْتَرِي سَنَةً، وَلَمْ يَزِدْ عَلَى النَّفَقَةِ شَيْئًا لَجَازَ عَلَى مَعْنَى قَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ يَجُوزُ بَيْعُ نِصْفِ الثَّوْبِ، أَوْ الدَّابَّةِ عَلَى أَنْ يَبِيعَ لَهُ الْمُشْتَرِي النِّصْفَ الْآخَرَ إلَى شَهْرٍ، وَعَلَى مَا فِي رَسْمِ الْبَرَاءَةِ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى، فَإِنْ مَاتَتْ الْأَمَةُ، أَوْ الدَّابَّةُ قَبْلَ السَّنَةِ رَجَعَ الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي فِي قِيمَةِ النِّصْفِ الَّذِي بَاعَهُ مِنْهَا يَوْمَ بَاعَهُ لِفَوَاتِهِ بِالْمَوْتِ بِقَدْرِ مَا يَقَعُ لِمَا بَقِيَ مِنْ النَّفَقَةِ مِنْ جَمِيعِ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ بَاعَ نِصْفَ الرَّضِيعَةِ بِمَا سَمَّى مِنْ الثَّمَنِ وَبِالنَّفَقَةِ عَلَى نِصْفِهَا الَّذِي لَمْ يَبِعْهُ فِي السَّنَةِ.
فَإِنْ كَانَ بَاعَهُ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ فَأَنْفَقَ عَلَيْهِ نِصْفَ السَّنَةِ ثُمَّ مَاتَ وَجَبَ أَنْ يَرْجِعَ الْبَائِعُ عَلَى الْمُبْتَاعِ بِنِصْفِ سُدُسِ قِيمَةِ النِّصْفِ الَّذِي بَاعَهُ مِنْهَا يَوْمَ بَاعَهُ لِفَوَاتِهِ بِالْمَوْتِ كَانَ أَقَلَّ مِنْ دِينَارٍ أَوْ أَكْثَرَ كَمَا لَوْ كَانَ بَاعَ نِصْفَ الْجَارِيَةَ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ وَعَرْضُ قِيمَتِهِ دِينَارَانِ فَاسْتَحَقَّ نِصْفَهُ؛ لِأَنَّ مَا بَطَلَ مِنْ النَّفَقَةِ بِمَوْتِ الرَّضِيعَةِ كَاسْتِحْقَاقِ بَعْضِ الثَّمَنِ، وَهُوَ عَرْضٌ، وَقَدْ قِيلَ: إنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ، وَهُوَ الَّذِي يَأْتِي عَلَى مَا فِي الْعَشَرَةِ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الَّذِي يَبِيعُ الْأَمَةَ، وَقَدْ أَعْتَقَ وَلَدًا لَهَا صَغِيرًا وَاشْتَرَطَ نَفَقَتَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي حَتَّى يَثْغَرَ وَيَسْتَغْنِيَ عَنْ أُمِّهِ فَيَمُوتَ قَبْلَ ذَلِكَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يُتْبَعُ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أُرِيدَ الشَّرْطُ كِفَايَةَ مُؤْنَةِ الصَّبِيِّ فَلَمْ يَطْلُبُ بِهِ الزَّائِدَ فِي الثَّمَنِ، وَهُوَ بَعِيدٌ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.

(الْقِسْمُ الثَّانِي) مَا يَئُولُ إلَى الْإِخْلَالِ بِشَرْطٍ مِنْ الشُّرُوطِ الْمُشْتَرَطَةِ فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ كَشَرْطِ مَا يُؤَدِّي إلَى جَهْلٍ وَغَرَرٍ فِي الْعَقْدِ، أَوْ فِي الثَّمَنِ، أَوْ فِي الْمَثْمُونِ أَوْ إلَى الْوُقُوعِ فِي رِبَا الْفَضْلِ، أَوْ فِي رِبَا النَّسَاءِ كَشَرْطِ مُشَاوِرَةِ شَخْصٍ بَعِيدٍ، أَوْ شَرْطِ الْخِيَارِ إلَى مُدَّةٍ مَجْهُولَةٍ، أَوْ إلَى مُدَّةٍ زَائِدَةٍ عَلَى مَا قَرَّرَهُ الشَّرْعُ فِي تِلْكَ السِّلْعَةِ الْمَبِيعَةِ أَوْ شَرْطِ تَأْجِيلِ الثَّمَنِ إلَى أَجَلٍ مَجْهُولٍ، أَوْ شَرْطِ زِيَادَةِ شَيْءٍ مَجْهُولٍ فِي الثَّمَنِ، أَوْ فِي الْمَثْمُونِ، فَهَذَا النَّوْعُ يُوجِبُ فَسْخَ الْبَيْعِ عَلَى كُلِّ حَالٍ فَاتَتْ السِّلْعَةُ، أَوْ لَمْ تَفُتْ وَلَا خِيَارَ لِأَحَدِ الْمُتَبَايِعَيْنِ فِي إمْضَائِهِ، فَإِنْ كَانَتْ السِّلْعَةُ الْمَبِيعَةُ قَائِمَةً رُدَّتْ بِعَيْنِهَا، وَإِنْ فَاتَتْ رُدَّتْ قِيمَتُهَا بَلَغَتْ مَا بَلَغَتْ.

الصفحة 341