كتاب فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك (اسم الجزء: 1)

أَوْ بَعْدَ حُصُولِ الْعَيْبِ فِيهِمَا بَلْ وَلَوْ مَاتَ الْعَبْدُ، أَوْ الْأَمَةُ قَبْلَ عِتْقِهِمَا بِقُرْبِ الْعَبْدِ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُشْتَرِي وَلَا لَهُ، وَإِنْ امْتَنَعَ الْمُشْتَرِي مِنْ عِتْقِ الْعَبْدِ، أَوْ الْأَمَةِ، فَإِنْ قَامَ الْبَائِعُ بَعْدَ الْعَقْدِ أَوْ قُرْبَهُ بِشَهْرٍ وَنَحْوِهِ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا أَخْذُ عَبْدِهِ، أَوْ أَمَتِهِ وَنَقْضُ الْبَيْعِ، أَوْ تَرْكُ الشَّرْطِ مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ إلَّا أَنْ يَتَّفِقَ هُوَ وَالْمُشْتَرِي عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ شَيْئًا لِأَجْلِ تَرْكِ الشَّرْطِ فَذَلِكَ لَهُمَا، وَهَذَا إذَا كَانَ الْعَبْدُ، أَوْ الْأَمَةُ صَحِيحَيْنِ لَمْ يَدْخُلْهُمَا عَيْبٌ، وَإِنْ دَخَلَهُمَا عَيْبٌ فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يَعْتِقَهُمَا مَعِيبَيْنِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، أَوْ يَغْرَمَ لِلْبَائِعِ مَا نَقَصَهُ لِأَجْلِ الشَّرْطِ وَيَصِيرُ الْعَبْدُ، أَوْ الْأَمَةُ مِلْكًا لَهُ، وَهَذَا إذَا كَانَ الْبَائِعُ عَالِمًا بِتَأْخِيرِ الْعِتْقِ إلَى شَهْرٍ وَنَحْوِهِ.
وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ غَيْرَ عَالِمٍ كَانَ الْخِيَارُ لَهُ بَعْدَ أَنْ يَرْضَى عِتْقَهُمَا مَعِيبَيْنِ وَلَا شَيْءَ لَهُ، أَوْ يَرْجِعُ بِمَا نَقَصَهُ مِنْ الثَّمَنِ لِأَجْلِ الشَّرْطِ وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَسْتَرْجِعَهُمَا إلَّا أَنْ يَرْضَى الْمُشْتَرِي بِذَلِكَ.
وَإِنْ لَمْ يَقُمْ الْبَائِعُ بِقُرْبٍ بَلْ سَكَتَ حَتَّى طَالَ الْأَمْرُ كَثِيرًا كَالسَّنَةِ قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ، فَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِعَدَمِ عِتْقِ الْمُشْتَرِي فَلَا قِيَامَ لَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ تَرْكَهُ الْمُطَالَبَةَ بِمُقْتَضَى شَرْطِهِ يُؤْذِنُ بِإِسْقَاطِهِ عَنْ الْمُشْتَرِي قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَلَا يَدْخُلُ فِي هَذَا عِنْدِي الِاخْتِلَافُ الَّذِي فِي السُّكُوتِ هَلْ هُوَ إذْنٌ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ كَانَ الْعَبْدُ، أَوْ الْأَمَةُ صَحِيحَيْنِ، أَوْ دَخَلَهُمَا عَيْبٌ، أَوْ فَاتَا، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْبَائِعُ بِذَلِكَ حَتَّى طَالَ الْأَمَدُ، فَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ وَالْأَمَةُ صَحِيحَيْنِ لَمْ يَدْخُلْهُمَا عَيْبٌ فَلَهُ الْخِيَارُ بَيْنَ أَنْ يَسْتَرْجِعَ عَبْدَهُ أَوْ أَمَتَهُ، أَوْ يَدَعَهُمَا وَيَرْجِعَ بِمَا نَقَصَهُ لِأَجْلِ الشَّرْطِ مِنْ ثَمَنِهِمَا، وَلَوْ رَضِيَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الطُّولِ لَمْ يُسْقِطْ ذَلِكَ عَنْهُ الرُّجُوعَ بِمَا نَقَصَهُ الْبَائِعُ مِنْ الثَّمَنِ لِأَجْلِ الشَّرْطِ قَالَ فِي الْبَيَانِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُتِمَّ الْبَائِعُ قَصْدَهُ بِشَرْطِهِ مِنْ تَعْجِيلِ الْعِتْقِ إذْ إنَّمَا أَعْتَقَ الْمُشْتَرِي لِنَفْسِهِ بَعْدَ أَنْ قَضَى وَطَرَهُ مِنْ وَطْءِ الْأَمَةِ وَاسْتِخْدَامِ الْعَبْدِ إلَّا أَنْ يَرْضَى الْبَائِعُ بِعِتْقِ الْمُشْتَرِي حِينَئِذٍ فَذَلِكَ جَائِزٌ وَلَا يَجُوزُ لِلْمُشْتَرِي الْوَطْءُ حَتَّى يُفَصِّلَ أَمْرَهُ مَعَ الْبَائِعِ، وَلَوْ أَعْتَقَ الْمُشْتَرِي الْعَبْدَ أَوْ الْأَمَةَ مِنْ ظِهَارٍ، أَوْ عِتْقٍ وَاجِبٍ عَلَيْهِ بَعْدَ أَنْ حَصَلَ فِيهِمَا عَيْبٌ مُفِيتٌ، أَوْ بَعْدَ طُولٍ أَجْزَأَ.
هَذَا مُلَخَّصُ كَلَامِ صَاحِبِ النَّوَادِرِ وَاللَّخْمِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ فِي رَسْمِ الْقِبْلَةِ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَفِي رَسْمِ الْعِتْقِ مِنْ سَمَاعِ أَصْبَغَ مِنْ جَامِعِ الْبُيُوعِ وَكَلَامِ الرَّجْرَاجِيِّ وَنَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ غَالِبَ ذَلِكَ بِاخْتِصَارٍ وَيَجْرِي مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ التَّفْصِيلِ فِي الْوَجْهِ الثَّالِثِ، وَهُوَ مَا إذَا بَاعَ الْعَبْدَ أَوْ الْأَمَةَ عَلَى أَنَّ الْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ اللَّخْمِيُّ وَيَنْزِلُ وَرَثَةُ كُلٍّ مِنْ الْمُشْتَرِي وَالْبَائِعِ مَنْزِلَتَهُ، وَإِنْ دَخَلَهُمَا عَيْبٌ مُفِيتٌ فَلَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَسْتَرْجِعَهُمَا، وَإِنَّمَا لَهُ الرُّجُوعُ بِمَا نَقَصَهُ لِأَجْلِ الشَّرْطِ مِنْ ثَمَنِهِمَا إلَّا أَنْ يَتَّفِقَ هُوَ وَالْمُشْتَرِي عَلَى عِتْقِهِمَا عَلَى تِلْكَ الْحَالِ.
وَإِنْ لَمْ يَقُمْ الْبَائِعُ إلَّا بَعْدَ مَوْتِهِمَا، وَقَدْ طَالَتْ إقَامَتُهُمَا بِيَدِ الْمُشْتَرِي، وَلَمْ يَتَعَقَّبْهُمَا فَلِلْبَائِعِ الرُّجُوعُ بِمَا نَقَصَهُ لِأَجْلِ الشَّرْطِ كَمَا تَقَدَّمَ

الصفحة 346