كتاب فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك (اسم الجزء: 1)

مِمَّنْ يُؤْمَنُ بَقَاؤُهُ مِنْ الدُّورِ وَالْأَرْضِينَ؛ لِأَنَّهُ يَدْخُلُهُ الْغَرَرُ مِنْ جِهَةِ مَوْتِ الْمُشْتَرِي قَبْلَ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ فَيَبْطُلَانِ فَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(السَّابِعُ) تَقَدَّمَ أَنَّ مِنْ هَذَا الْقِسْمِ إذَا بَاعَ السِّلْعَةَ عَلَى أَنْ لَا يَبِيعَهَا وَذَكَرَ اللَّخْمِيُّ فِي ذَلِكَ تَفْصِيلًا فَقَالَ إنْ بَاعَهُ عَلَى أَنْ لَا يَبِيعَهَا جُمْلَةً، أَوْ عَلَى أَنْ لَا يَبِيعَهَا إلَّا مِنْ فُلَانٍ فَالْحُكْمُ كَمَا تَقَدَّمَ، وَإِنْ كَانَ عَلَى أَنْ يَبِيعَهَا مِنْ فُلَانٍ وَحْدَهُ، أَوْ مِنْ هَؤُلَاءِ النَّفَرِ جَازَ، وَإِنْ كَانَ عَلَى أَنْ لَا يَبِيعَهَا مِنْ فُلَانٍ كَانَ بَيْعًا فَاسِدًا وَلَيْسَ عَلَى الْمُشْتَرِي إلَّا الثَّمَنُ الَّذِي بَاعَهَا بِهِ مِنْ فُلَانٍ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ لَيْسَ فِيهِ تَمْكِينٌ فَلَا يَضْمَنُهُ الْمُشْتَرِي اهـ.
قُلْت: مَا ذَكَرَهُ اللَّخْمِيُّ مِنْ جَوَازِ الْبَيْعِ إذَا بَاعَ سِلْعَةً عَلَى أَنْ لَا يَبِيعَهَا مِنْ فُلَانٍ، أَوْ مِنْ هَؤُلَاءِ النَّفَرِ ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ وَعَزَاهُ ابْنُ رُشْدٍ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَذَكَرَ فِيهِ خِلَافًا، فَإِنَّهُ قَالَ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّالِثَةِ مِنْ رَسْمِ الْقِبْلَةِ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ جَامِعِ الْبُيُوعِ بَعْدَ أَنْ قَرَّرَ حُكْمَ الْبَيْعِ عَلَى أَنْ لَا يَبِيعَ مَا نَصَّهُ: وَإِذَا بَاعَ عَلَى أَنْ لَا يَبِيعَ إلَّا مِنْ فُلَانٍ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ إذَا بَاعَ عَلَى أَنْ لَا يَبِيعَ وَأَجَازَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْبَيْعَ عَلَى أَنْ لَا يَبِيعَ مِنْ فُلَانٍ فِي رَسْمِ بَاعَ شَاةً مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ الدَّعْوَى وَالصُّلْحِ وَكَرِهَهُ أَصْبَغُ فِي الْوَاضِحَةِ وَاتَّفَقَا عَلَى كَرَاهَةِ الْبَيْعِ عَلَى أَنْ لَا يَضُرَّ بِالْبَائِعِ اهـ.
قُلْت: فَإِذَا بَاعَ سِلْعَةً مِنْ شَخْصٍ عَلَى أَنْ لَا يَبِيعَهَا مِنْ فُلَانٍ، أَوْ مِنْ هَؤُلَاءِ النَّفَرِ ثُمَّ بَاعَهَا الْمُشْتَرِي مِنْ فُلَانٍ، أَوْ مِنْ أَحَدِ هَؤُلَاءِ النَّفَرِ الْمَذْكُورِينَ، فَإِنَّ بَيْعَهُ لَا يُرَدُّ عَلَى مَا يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ غَايَةُ مَا نُقِلَ فِيهِ الْكَرَاهَةُ فَقَطْ وَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ مِنْ أَنَّهُ إذَا بَاعَ عَلَى أَنْ لَا يَبِيعَ إلَّا مِنْ فُلَانٍ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا إذَا بَاعَ عَلَى أَنْ لَا يَبِيعَ لَيْسَ بِخِلَافٍ لِمَا ذَكَرَهُ اللَّخْمِيُّ فِيمَا إذَا بَاعَ عَلَى أَنْ يَبِيعَ مِنْ فُلَانٍ؛ لِأَنَّ الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ أَنَّ الْبَائِعَ شَرَطَ عَلَى الْمُشْتَرِي أَنْ يَبِيعَ السِّلْعَةَ مِنْ فُلَانٍ، وَأَنَّهُ لَا يُبْقِيهَا فِي مِلْكِهِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ إذَا أَرَادَ الْبَيْعَ بَاعَهَا مِنْ فُلَانٍ فَهِيَ مِثْلُ مَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ فَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الثَّامِنُ) قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ فِيمَنْ بَاعَ جَارِيَةً عَلَى أَنْ لَا يُخْرِجَهَا مِنْ بَلَدِهَا، أَوْ عَلَى أَنْ يُخْرِجَهَا إلَى الشَّامِ يُفْسَخُ الْبَيْعُ إلَّا أَنْ يَضَعَ الْبَائِعُ شَرْطَهُ وَقَالَ فِي مُخْتَصَرِ مَا لَيْسَ فِي الْمُخْتَصَرِ فِيمَنْ بَاعَ عَبْدًا عَلَى أَنْ لَا يُخْرِجَهُ مُبْتَاعُهُ إلَى بَلَدٍ آخَرَ لَا بَأْسَ بِهِ، وَهُوَ أَبْيَنُ؛ لِأَنَّ الشَّأْنَ أَنَّ

الصفحة 349